responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 245
الشَّرِيكَيْنِ " إذَا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ " فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ وَيُعْتَقُ نَصِيبُهُ مِنْ مَالِ الْمُعْتِقِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَصِحُّ التَّعْلِيقُ وَيُعْتَقُ عَلَى الْمُعَلَّقِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ التَّضْمِينَ هَهُنَا كَتَضْمِينِ الشَّفِيعِ الثَّمَنَ إذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْإِتْلَافِ، وَلَكِنْ مِنْ بَابِ التَّقْوِيمِ لِلدُّخُولِ فِي الْمِلْكِ، لَكِنَّ الشَّفِيعَ أَدْخَلَ الشَّارِعُ الشِّقْصَ فِي مِلْكِهِ بِالثَّمَنِ بِاخْتِيَارِهِ وَالشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ أَدْخَلَ الشِّقْصَ فِي مِلْكِهِ بِالْقِيمَةِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَكِلَاهُمَا تَمْلِيكٌ: هَذَا بِالثَّمَنِ، وَهَذَا بِالْقِيمَةِ، فَهَذَا شَيْءٌ وَضَمَانُ الْمُتْلَفِ شَيْءٌ.
قَالُوا: وَأَيْضًا فَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ لَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْكَامِلَ إذَا أُتْلِفَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَا لَا يُقْسَمُ كَالْعَبْدِ وَالْحَيَوَانِ وَالْجَوْهَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ جَازَ، وَإِنْ تَنَازَعَا وَتَشَاجَرَا بِيعَتْ الْعَيْنُ وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا ثَمَنُهَا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا كَمَا يُقْسَمُ الْمِثْلِيُّ، فَحَقُّهُمَا فِي الْمِثْلِيِّ فِي عَيْنِهِ.
وَفِي الْمُتَقَوِّمِ عِنْدَ التَّشَاجُرِ وَالتَّنَازُعِ فِي قِيمَتِهِ، فَلَوْلَا أَنَّ حَقَّهُ فِي الْقِيمَةِ لَمَا أُجِيبَ إلَى الْبَيْعِ إذَا طَلَبَهُ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِذَا أَتْلَفَ لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ فَلَوْ ضَمِنَاهُ بِمِثْلِهِ لَفَاتَ حَقُّهُ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبِ لَهُ شَرْعًا عِنْدَ طَلَبِ الْبَيْعِ، وَالشَّرِيكُ إنَّمَا حَقُّهُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَهُمَا لَوْ تَقَاسَمَاهُ تَقَاسَمَاهُ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا أَتْلَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ ضَمِنَهُ بِالْمِثْلِ، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَالْمِيزَانُ الصَّحِيحُ طَرْدًا وَعَكْسًا الْمُوَافِقُ لِلنُّصُوصِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ خَالَفَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ إنْ طَرَدَ قِيَاسَهُ، وَإِمَّا التَّنَاقُضُ الْبَيِّنُ إنْ لَمْ يَطْرُدْهُ

[فَصْلٌ حُكُومَةُ النَّبِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ]
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَبْتَنِي الْحُكُومَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الَّتِي حَكَمَ فِيهَا النَّبِيَّانِ الْكَرِيمَانِ دَاوُد وَسُلَيْمَانُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - إذْ حَكَمَا فِي الْحَرْثِ الَّذِي نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ، وَالْحَرْثُ: هُوَ الْبُسْتَانُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بُسْتَانَ عِنَبٍ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَرْمِ، وَالنَّفْشُ: رَعْيُ الْغَنَمِ لَيْلًا، فَحَكَمَ دَاوُد بِقِيمَةِ الْمُتْلَفِ، فَاعْتَبَرَ الْغَنَمَ فَوَجَدَهَا بِقَدْرِ الْقِيمَةِ، فَدَفَعَهَا إلَى أَصْحَابِ الْحَرْثِ، إمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دَرَاهِمُ، أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُهَا وَرَضُوا بِدَفْعِهَا وَرَضِيَ أُولَئِكَ بِأَخْذِهَا بَدَلًا عَنْ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا سُلَيْمَانُ فَقَضَى بِالضَّمَانِ عَلَى أَصْحَابِ الْغَنَمِ، وَأَنْ يَضْمَنُوا ذَلِكَ بِالْمِثْلِ بِأَنْ يَعْمُرُوا الْبُسْتَانَ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ، وَلَمْ يُضَيِّعْ عَلَيْهِمْ مُغَلَّةً مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى حِينِ الْعَوْدِ، بَلْ أَعْطَى أَصْحَابَ الْبُسْتَانِ مَاشِيَةَ أُولَئِكَ لِيَأْخُذُوا مِنْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست