responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 238
قُرْبَةً وَلَا لِلْوَاقِفَيْنِ فِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُمْ مَا يُقَرِّبُهُمْ إلَى اللَّهِ، وَلَا يُوجِبُونَ الْوَفَاءَ بِالشُّرُوطِ الَّتِي إنَّمَا بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ بُضْعَهَا لِلزَّوْجِ بِشَرْطِ وَفَائِهِ لَهَا بِهَا، وَلَهَا فِيهِ أَصَحُّ غَرَضٍ وَمَقْصُودٍ، وَهِيَ أَحَقُّ مِنْ كُلِّ شَرْطٍ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ هَذَا إلَّا خُرُوجٌ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَالسُّنَّةِ؟
[خَطَأُ الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ] : ثُمَّ مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَنَعْتَذِرُ مِمَّا جَاءَ بِهِ قَائِلُهُ، وَلَا نُعَدِّلُ بِنُصُوصِ الشَّارِعِ غَيْرَهَا أَبَدًا، وَإِنَّ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّهَا كَنُصُوصِ الشَّارِعِ فِي الدَّلَالَةِ، وَتَخْصِيصِ عَامِّهَا بِخَاصِّهَا، وَحَمْلِ مُطْلَقِهَا عَلَى مُقَيَّدِهَا، وَاعْتِبَارِ مَفْهُومِهَا كَمَا يُعْتَبَرُ مَنْطُوقُهَا، وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ كَنُصُوصِهِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ وَتَأْثِيمِ مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يُظَنُّ ذَلِكَ بِمَنْ لَهُ نِسْبَةٌ مَا إلَى الْعِلْمِ، فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَيْسَ كَنَصِّ الشَّارِعِ، بَلْ يُرَدُّ مَا خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَشَرْطُ الْوَاقِفِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَوْلَى بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ، فَقَدْ ظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ وَشُرُوطِ الزَّوْجَاتِ، وَخُرُوجِهِمْ فِيهَا عَنْ مُوجَبِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ وَالسُّنَّةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
يُوَضِّحُ ذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَسَّمَ يُعْطِي الْآهِلَ حَظَّيْنِ وَالْعَزَبَ حَظًّا، وَقَالَ ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ» ذَكَرَ مِنْهُمْ النَّاكِحَ يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَمُصَحِّحُو هَذَا الشَّرْطِ عَكَسُوا مَقْصُودَهُ، فَقَالُوا: نُعْطِيهِ مَا دَامَ عَزْبًا، فَإِذَا تَزَوَّجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَلَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُعِينَهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَالْوَفَاءُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمُتَضَمِّنِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى فَضْلِ الصَّوْمِ أَوْ الصَّلَاةِ لَا يَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ، وَمَنْ خَالَفَهُ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا، حَتَّى إذَا خَالَفَ الْأَحَبَّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْأَرْضَى لَهُ كَانَ بَارًّا مُثَابًا قَائِمًا بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ،
يُوَضِّحُ بُطْلَانَ هَذَا الشَّرْطِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِشَرْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ: كُلُّ شَرْطٍ يُخَالِفُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى أَبْطَلْتُمْ بِذَلِكَ شَرْطَ دَارِ الزَّوْجَةِ أَوْ بَلَدِهَا، وَأَبْطَلْتُمْ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ الِانْتِفَاعَ بِالْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَأَبْطَلْتُمْ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ، وَأَبْطَلْتُمْ اشْتِرَاطَ نَفْعِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي صَحَّحَهَا النَّصُّ، وَالْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَالْقِيَاسُ. كَمَا صَحَّحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ اشْتِرَاطَ الْمَرْأَةِ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا أَوْ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَدَلَّتْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست