responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 236
دِرْهَمٌ وَاحِدٌ مِنْ الصَّدَاقِ فَلَهَا الْفَسْخُ بِفَوَاتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ بِهَا وَقَضَى وَطَرَهُ مِنْهَا ثُمَّ فَاتَ الصَّدَاقُ جَمِيعُهُ وَلَمْ تَظْفَرْ مِنْهُ بِحَبَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا فَسْخَ لَهَا، وَقَسَّمَ الشَّرْطَ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يُؤْوِيهَا وَلَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَلَا يَطَأَهَا أَوْ لَا يُنْفِقَ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ الَّذِي فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَ مَا هُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ مِنْهُ وَبَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ الْقِيَاسُ وَالشَّرْعُ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقْتُمْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَفَاءَ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ الَّتِي يَسْتَحِلُّ بِهَا الزَّوْجُ فَرْجَ امْرَأَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْوَفَاءِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَجَعَلْتُمُوهَا أَنْتُمْ دُونَ سَائِرِ الشُّرُوطِ وَأَحَقَّهَا بِعَدَمِ الْوَفَاءِ، وَجَعَلْتُمْ الْوَفَاءَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمُخَالِفِ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ كَتَرْكِ النِّكَاحِ وَكَشَرْطِ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَإِلَى جَانِبِهِ الْمَسْجِدُ الْأَعْظَمُ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَلْغَى الشَّارِعُ هَذَا الشَّرْطَ فِي النَّذْرِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ وَطَاعَةٌ فَلَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَهُ بُقْعَةٌ عَيَّنَهَا النَّاذِرُ لِلصَّلَاةِ إلَّا الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ، وَقَدْ شَرَطَ النَّاذِرُ فِي نَذْرِهِ تَعَيُّنَهُ، فَأَلْغَاهُ الشَّارِعُ لِفَضِيلَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ شَرْطُ الْوَاقِفِ الَّذِي غَيَّرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَازِمًا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ؟ وَتَعْيِينُ الصَّلَاةِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ لَمْ يُرَغِّبْ الشَّارِعُ فِيهِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي النَّذْرِ، وَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ فِي الْوَقْفِ.

[هَلْ يُعْتَبَرُ شَرْطُ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا؟]
فَإِنْ قُلْتُمْ: الْوَاقِفُ لَمْ يُخْرِجْ مَالَهُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ، فَلَزِمَ اتِّبَاعُ مَا عَيَّنَهُ فِي الْوَقْفِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَالنَّاذِرُ قَصَدَ الْقُرْبَةَ، وَالْقُرَبُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْمَسَاجِدِ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ، فَتَعَيُّنُ بَعْضِهَا لَغْوٌ.
قِيلَ: هَذَا الْفَرْقُ بِعَيْنِهِ يُوجِبُ عَلَيْكُمْ إلْغَاءَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ، وَاعْتِبَارَ مَا فِيهِ قَرَابَةٌ، فَإِنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا مَقْصُودُهُ بِالْوَقْفِ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ فَتَقَرُّبُهُ بِوَقْفِهِ كَتَقَرُّبِهِ بِنَذْرِهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يُبَدِّلُ مَالَهُ إلَّا لِمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَاجِلَةٌ أَوْ آجِلَةٌ، وَالْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ قَدْ يَبْذُلُ مَالَهُ فِي أَغْرَاضِهِ مُبَاحَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا وَقَدْ يَبْذُلُهُ فِيمَا يُقَرِّبُهُ إلَى اللَّهِ، وَأَمَّا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَإِنَّمَا يَبْذُلُهُ فِيمَا يَظُنُّ أَنَّهُ يُقَرِّبُ إلَى اللَّهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: " إنَّ هَذَا الْمَصْرِفَ لَا يُقَرِّبُ إلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ إنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَعْظَمُ أَجْرًا " لَبَادَرَ إلَيْهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعَاقِلَ إذَا قِيلَ لَهُ: " إذَا بَذَلْتَ مَالَكَ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الشَّرْطِ حَصَلَ لَكَ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ حَصَلَ لَكَ أَجْرَانِ " فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مَا فِيهِ الْأَجْرُ الزَّائِدُ، فَكَيْفَ إذَا قِيلَ لَهُ: " إنَّ هَذَا لَا أَجْرَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ "؟ فَكَيْفَ إذَا قِيلَ: " إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ مُضَادٌّ لَهُ يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "؟ وَهَذَا كَشَرْطِ الْعُزُوبِيَّةِ مَثَلًا وَتَرْكِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست