responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 234
عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ، مَعَ أَنَّهُ غَرَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَقْدُورٍ لَهُ، وَهُوَ رِضَى زَيْدٍ بِبَيْعِهِ، فَفِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مَا فِي رَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ، وَكِلَاهُمَا أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ الْحَجِّ بِهَا، وَقُلْتُمْ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمَهَا مُدَّةً صَحَّ، وَلَيْسَ جَهَالَةُ حُمْلَانِهَا إلَى الْحَجِّ بِأَعْظَمَ مِنْ جَهَالَةِ أَوْقَاتِ الرَّعْيِ وَمَكَانِهِ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعِيدَةٌ مِنْ أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ وَلَا تُعْرَفُ مَنْصُوصَةً عَنْهُ، بَلْ نُصُوصُهُ عَلَى خِلَافِهَا، قَالَ فِي رِوَايَةٍ مِنْهَا، فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ عَبِيدٍ يُعْطِي مِنْ أَوْسَطِهِمْ، فَإِنْ تَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، قُلْتُ: وَتَسْتَقِيمُ الْقُرْعَةُ فِي هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقُلْتُمْ: لَوْ خَالَعَهَا عَلَى كَفَالَةِ وَلَدِهَا عَشَرَ سِنِينَ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَيَا لَلْعَجَبِ، أَيْنَ جَهَالَةُ هَذَا مِنْ جَهَالَةِ حُمْلَانِهَا إلَى الْحَجِّ؟
فَصْلٌ
وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: لَهُ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ الْمُفْتِيَةَ الْعَالِمَةَ بِدِينِ اللَّهِ الَّتِي تُفْتِي فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَلَى نِكَاحِهَا بِمَنْ هِيَ أَكْرَهُ النَّاسِ لَهُ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَنْهُ نُفْرَةً بِغَيْرِ رِضَاهَا حَتَّى لَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا شَابًّا جَمِيلًا دَيِّنًا تُحِبُّهُ وَعَيَّنَ كُفُؤًا شَيْخًا مُشَوَّهًا دَمِيمًا كَانَ الْعِبْرَةُ بِتَعْيِينِهِ دُونَهَا، فَتَرَكُوا مَحْضَ الْقِيَاسِ وَالْمَصْلَحَةَ وَمَقْصُودَ النِّكَاحِ مِنْ الْوُدِّ وَالرَّحْمَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ. وَقَالُوا: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ لَهَا حَبْلًا أَوْ عُودَ أَرَاكٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِرِضَاهَا، وَلَهُ أَنْ يَرِقَّهَا مُدَّةَ الْعُمُرِ عِنْدَ مَنْ هِيَ أَكْرَهُ شَيْءٍ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا.
قَالُوا: وَكَمَا خَرَجْتُمْ عَنْ مَحْض الْقِيَاسِ خَرَجْتُمْ عَنْ صَرِيحِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ جَارِيَةً بِكْرًا زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، وَخَيَّرَ أُخْرَى ثَيِّبًا» .
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ: لَوْ تَصَرَّفَ فِي حَبْلٍ مِنْ مَالِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْحَظِّ لَهَا كَانَ مَرْدُودًا، حَتَّى إذَا تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهَا عَلَى خِلَافِ حَظِّهَا كَانَ لَازِمًا، ثُمَّ قُلْتُمْ: هُوَ أَخْبَرُ بِحَظِّهَا مِنْهَا، وَهَذَا يَرُدُّهُ الْحِسُّ، فَإِنَّهَا أَعْلَمُ بِمَيْلِهَا وَنُفْرَتِهَا وَحَظِّهَا مِمَّنْ تُحِبُّ أَنْ تُعَاشِرَهُ وَتَكْرَهُ عِشْرَتَهُ، وَتَعَلَّقْتُمْ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صِمَاتُهَا» .
وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ، وَتَرَكْتُمْ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْذَنُ فَتَسْتَحْيِي، قَالَ: إذْنُهَا صِمَاتُهَا» فَنَهَى أَنْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست