responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 207
وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ فَلَمْ تَقِيسُوا الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ مِنْ غَدِيرٍ كَبِيرٍ فِي غَرْبِيِّهِ نَجَاسَةٌ عَلَى الْجَانِبِ الشَّمَالِيِّ وَالْجَنُوبِيِّ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُمَاسٌّ لِمَا قَدْ تَنَجَّسَ عِنْدَكُمْ مُمَاسَّةً مُسْتَوِيَةً.
وَقَاسُوا بَاطِنَ الْأَنْفِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَأَوْجَبُوا الِاسْتِنْشَاقَ، وَلَمْ يَقِيسُوهُ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ بِالِاسْتِنْشَاقِ نَصًّا، فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا، وَأَسْقَطُوا الْوُجُوبَ فِي مَحَلِّ الْأَمْرِ بِهِ، وَأَوْجَبُوهُ فِي غَيْرِهِ، وَالْأَمْرُ بِغُسْلِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ كَالْأَمْرِ بِغُسْلِ الْبَدَنِ فِي الْجَنَابَةِ سَوَاءٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّكُمْ قِسْتُمْ النِّسْيَانَ عَلَى الْعَمْدِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَاسِيًا، وَفِيمَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَالْحَلْقِ وَالصَّيْدِ، وَفِي حَمْلِ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ فِي السَّلَامِ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الصَّوْمِ، وَفِي تَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَقِسْتُمْ الْجَاهِلَ عَلَى النَّاسِي فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا فِي مَسَائِلَ أُخَرَ، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا فِيمَنْ نَسِيَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ وَلَوْ جَهِلَ فَظَنَّ وُجُودَ اللَّيْلِ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، مَعَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَعْذُرُ الْجَاهِلَ كَمَا تَعْذُرُ النَّاسِيَ أَوْ أَعْظَمَ؟ كَمَا عَذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ بِجَهْلِهِ بِوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ مَا مَضَى، وَعَذَرَ الْحَامِلَ الْمُسْتَحَاضَةَ بِجَهْلِهَا بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَيْهَا مَعَ الِاسْتِحَاضَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِإِعَادَةِ مَا مَضَى، وَعَذَرَ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ بِأَكْلِهِ فِي رَمَضَانَ حِينَ تَبَيَّنَّ لَهُ الْخَيْطَانِ اللَّذَانِ جَعَلَهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ، وَعَذَرَ أَبَا ذَرٍّ بِجَهْلِهِ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ فَأَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ، وَعَذَرَ الَّذِينَ تَمَعَّكُوا فِي التُّرَابِ كَتَمَعُّكِ الدَّابَّةِ لَمَّا سَمِعُوا فَرْضَ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَعَذَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ بِكَلَامِهِ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا لِجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ، وَعَذَرَ أَهْلَ قُبَاءَ بِصَلَاتِهِمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ نَسْخِ اسْتِقْبَالِهِ بِجَهْلِهِمْ بِالنَّاسِخِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَعَذَرَ الصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ مَنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ فَلَمْ يَحُدُّوهُ.
وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ وَقَلِيلِهَا فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَطَهَارَةُ الْجَمِيعِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَتَرَكَ الْجَمِيعُ صَرِيحَ الْقِيَاسِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ، فَطَائِفَةٌ لَمْ تَقِسْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، وَطَائِفَةٌ قَاسَتْ عَلَيْهِ الْخِنْزِيرَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ كَالذِّئْبِ الَّذِي هُوَ مِثْلُهُ أَوْ شَرٌّ مِنْهُ، وَقِيَاسُ الْخِنْزِيرِ عَلَى الذِّئْبِ أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْكَلْبِ، وَطَائِفَةٌ قَاسَتْ عَلَيْهِ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ، وَقِيَاسُهُمَا عَلَى الْخَيْلِ الَّتِي هِيَ قَرِينَتُهُمَا فِي الذِّكْرِ وَامْتِنَانُ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - عَلَى عِبَادِهِ لَهَا بِرُكُوبِهَا وَاِتِّخَاذِهَا زِينَةً وَمُلَامَسَةُ النَّاسِ لَهَا أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِ الْبَغْلِ عَلَى الْكَلْبِ، فَقَدْ عَلِمَ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست