responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 184
بِالشُّبُهَاتِ» ، فَهَذَا فِي مَعْنَى الشُّبْهَةِ الَّتِي تُدْرَأُ بِهَا الْحُدُودُ، وَهِيَ الشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ، أَوْ فِي الْفَاعِلِ، أَوْ فِي الِاعْتِقَادِ، وَلَوْ عَرَضَ هَذَا عَلَى فَهْمٍ مِنْ فَرْضٍ مِنْ الْعَالَمِينَ لَمْ يَفْهَمْهُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَأَنَّ مَنْ يَطَأُ خَالَتَهُ أَوْ عَمَّتَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا خَالَتُهُ أَوْ عَمَّتُهُ، وَتَحْرِيمِ اللَّهِ لِذَلِكَ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ «، ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ، وَأَضْعَافُ أَضْعَافِ هَذَا مِمَّا لَا يَكَادُ يَنْحَصِرُ.
فَهَذَا التَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ هُوَ الَّذِي نُنْكِرُهُ، وَنُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ دَلَالَةٌ عَلَى فَهْمِهِ بِوَجْهٍ مَا.
قَالُوا: وَمِنْ أَيْنَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: 66] ، وَمِنْ قَوْلِهِ: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] ، تَحْرِيمُ بَيْعِ الْكِشْكِ بِاللَّبَنِ، وَبَيْعِ الْخَلِّ بِالْعِنَبِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ .
قَالُوا: وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] ، وَلَمْ يَقُلْ " إلَى قِيَاسَاتِكُمْ وَآرَائِكُمْ " وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ أَرَاءَ الرِّجَالِ وَأَقْيِسَتَهَا حَاكِمَةً بَيْنَ الْأُمَّةِ أَبَدًا.
وَقَالُوا: وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] ، فَإِنَّمَا مَنَعَهُمْ مِنْ الْخِيَرَةِ عِنْدَ حُكْمِهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، لَا عِنْدَ آرَاءِ الرِّجَالِ وَأَقْيِسَتِهِمْ وَظُنُونِهِمْ، وَقَدْ أَمَرَ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَهُ بِاتِّبَاعِ مَا أَوْحَاهُ إلَيْهِ خَاصَّةً وَقَالَ: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50] ، وَقَالَ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] ، وَقَالَ - تَعَالَى -: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ، قَالُوا: فَدَلَّ هَذَا النَّصُّ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ مِنْ الدِّينِ فَهُوَ شَرْعُ غَيْرِهِ الْبَاطِلِ.
قَالُوا: وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَبِّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَنَّ كُلَّ مَا سَكَتَ عَنْ إيجَابِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ فَهُوَ عَفْوٌ عَفَا عَنْهُ لِعِبَادِهِ، يُبَاحُ إبَاحَةُ الْعَفْوِ؛ فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيمُهُ وَلَا إيجَابُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ أَوْ حَرَّمَهُ بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ هَذَا الْقِسْمِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلْغَاءَهُ؛ إذْ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَرَّمِ شَبَهٌ وَوَصْفٌ جَامِعٌ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ، فَلَوْ جَازَ إلْحَاقُهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قِسْمٌ قَدْ عُفِيَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَا سَكَتَ عَنْهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، بَلْ يَكُونُ مَا سَكَتَ عَنْهُ قَدْ حَرَّمَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا حَرَّمَهُ، وَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى دَفْعِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ تَحْرِيمُ مَا سَكَتَ عَنْهُ تَبْدِيلًا لِحُكْمِهِ، وَقَدْ ذَمَّ - تَعَالَى - مَنْ بَدَّلَ غَيْرَ الْقَوْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ؛ فَمَنْ بَدَّلَ غَيْرَ الْحُكْمِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست