responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 169
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، وَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282] مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ الَّتِي هِيَ رِبًا بِحِيلَةٍ وَجَعْلِهَا مِنْ التِّجَارَةِ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إنَّ الرِّبَا الصَّرِيحَ تِجَارَةٌ لِلْمُرَابِي وَأَيُّ تِجَارَةٍ، وَكَمَا حُمِّلَ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] عَلَى مَسْأَلَةِ التَّحْلِيلِ وَجَعْلِ التَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ الْمَلْعُونِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلًا فِي اسْمِ الزَّوْجِ، وَهَذَا فِي التَّجَاوُزِ يُقَابِلُ الْأَوَّلَ فِي التَّقْصِيرِ.
وَلِهَذَا كَانَ مَعْرِفَةُ حُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَصْلَ الْعِلْمِ وَقَاعِدَتَهُ وَأَخِيَّتَهُ الَّتِي يُرْجَعُ إلَيْهَا، فَلَا يُخْرِجُ شَيْئًا مِنْ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ عَنْهَا، وَلَا يُدْخِلُ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، بَلْ يُعْطِيهَا حَقَّهَا، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهَا.
وَمِنْ هَذَا لَفْظُ الْأَيْمَانِ وَالْحَلِفِ، أَخْرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُ الْأَيْمَانَ الِالْتِزَامِيَّةَ الَّتِي يَلْتَزِمُ صَاحِبُهَا بِهَا إيجَابَ شَيْءٍ أَوْ تَحْرِيمَهُ، وَأَدْخَلَتْ طَائِفَةٌ فِيهَا التَّعْلِيقَ الْمَحْضَ الَّذِي لَا يَقْتَضِي حَضًّا وَلَا مَنْعًا، وَالْأَوَّلُ نَقْصٌ مِنْ الْمَعْنَى، وَالثَّانِي تَحْمِيلٌ لَهُ فَوْقَ مَعْنَاهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ الرِّبَا، أَدْخَلَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ مَا لَا دَلِيلَ عَلَى تَنَاوُلِ اسْمِ الرِّبَا لَهُ كَبَيْعِ الشَّيْرَجِ بِالسِّمْسِمِ وَالدِّبْسِ بِالْعِنَبِ وَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ، وَكُلُّ مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ رِبَوِيٍّ وَعُمِلَ مِنْهُ بِأَصْلِهِ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ اسْمِهِ وَمَقْصُودِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَهَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْمَصِيرَ إلَيْهِ لَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا مِيزَانٍ صَحِيحٍ، وَأَدْخَلَتْ فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ مُدِّ عَجْوَةٍ مَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنْ الرِّبَا. وَأَخْرَجَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ الرِّبَا الصَّحِيحِ حَقِيقَةً قَصْدًا وَشَرْعًا كَالْحِيَلِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مَفْسَدَةً مِنْ الرِّبَا الصَّرِيحِ، وَمَفْسَدَةُ الرِّبَا الْبَحْتِ الَّذِي لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِالسَّلَالِيمِ أَقَلُّ بِكَثِيرٍ، وَأَخْرَجَتْ مِنْهُ طَائِفَةٌ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَإِنْ كَانَ كَوْنُهُ مِنْ الرِّبَا أَخْفَى مِنْ كَوْنِ الْحِيَلِ الرِّبَوِيَّةِ مِنْهُ، فَإِنَّ التَّمَاثُلَ مَوْجُودٌ فِيهِ فِي الْحَالِ دُونَ الْمَآلِ، وَحَقِيقَةُ الرِّبَا فِي الْحِيَلِ الرِّبَوِيَّةِ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ مِنْهَا فِي الْعَقْدِ الرِّبَوِيِّ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِيهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ الْبَيِّنَةِ، قَصَرَتْ بِهَا طَائِفَةٌ، فَأَخْرَجَتْ مِنْهُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَشَهَادَةَ الْعَبِيدِ الْعُدُولِ الصَّادِقِينَ الْمَقْبُولِي الْقَوْلَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهَادَةَ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَحْضُرُهُنَّ فِيهِ الرِّجَالُ كَالْأَعْرَاسِ وَالْحَمَّامَاتِ، وَشَهَادَةَ الزَّوْجِ فِي اللِّعَانِ إذَا نَكَلَتْ الْمَرْأَةُ، وَأَيْمَانَ الْمُدَّعِينَ الدَّمَ إذَا ظَهَرَ اللَّوْثُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ الْحَقَّ أَعْظَمَ مِنْ بَيَانِ الشَّاهِدَيْنِ، وَشَهَادَةِ الْقَاذِفِ، وَشَهَادَةَ الْأَعْمَى عَلَى مَا يَتَيَقَّنُهُ، وَشَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْلِمٌ، وَشَهَادَةَ الْحَالِ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ مَتَاعَ الْبَيْتِ وَتَدَاعِي النَّجَّارِ وَالْخَيَّاطِ آلَتَهُمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَدْخَلَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ مَا لَيْسَ مِنْهُ كَشَهَادَةِ مَجْهُولِ الْحَالِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست