responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام أهل الذمة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 1044
وَهَذَا الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا مُطْلَقًا، وَسُمِّيَ " غُلَامًا " لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْبُلُوغِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا عَاقِلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْحَدِيثُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَلَوْ أَدْرَكَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ "، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ إِذِ اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فِي التَّكْلِيفِ إِنَّمَا عِلْمٌ بِشَرِيعَتِنَا، وَلَا يَمْتَنِعُ تَكْلِيفُ الْمُرَاهِقِ الْعَاقِلِ عَقْلًا، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْمُمَيِّزِينَ يُكَلَّفُونَ بِالْإِيمَانِ قَبْلَ الِاحْتِلَامِ؟ كَمَا قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ.
وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ مُكَلَّفًا بِالْإِيمَانِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِشَرَائِعِهِ، فَكُفْرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا ارْتَدَّ عِنْدَهُمْ صَارَ مُرْتَدًّا لَهُ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَثْبُتُ عَلَيْهِ كُفْرُهُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ، وَيُؤَدَّبُ عَلَى كُفْرِهِ أَعْظَمَ مِمَّا يُؤَدَّبُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ بَالِغًا فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا غَيْرَ بَالِغٍ فَقَتْلُهُ جَائِزٌ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ، كَيْفَ وَهُوَ إِنَّمَا قَتَلَهُ دَفْعًا لِصَوْلِهِ عَلَى أَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ؟ كَمَا قَالَ: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: 80] ، وَالصَّبِيُّ لَوْ صَالَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي بَدَنِهِ، أَوْ مَالِهِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ صِيَالُهُ لِلْمُسْلِمِ إِلَّا بِقَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُ، بَلِ الصَّبِيُّ إِذَا قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ، وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ الْيَوْمَ يَصُولُ عَلَى أَبَوَيْهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا فِي دِينِهِمَا حَتَّى يَفْتِنَهُمَا عَنْهُ؟ فَإِنَّ هَذَا غَيْبٌ لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَلِهَذَا عَلَّقَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفُتْيَا بِهِ فَقَالَ لِنَجْدَةَ لَمَّا اسْتَفْتَاهُ فِي قَتْلِ الْغِلْمَانِ:

نام کتاب : أحكام أهل الذمة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 1044
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست