responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام أهل الذمة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 1013
لِلْإِسْلَامِ سَابِقَةً لِلتَّرْبِيَةِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نَفْسَ الْعَقْلِ الَّذِي بِهِ يَعْرِفُونَ التَّوْحِيدَ حُجَّةٌ فِي بُطْلَانِ الشِّرْكِ لَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولٍ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مَا تَقَدَّمَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ بِدُونِ هَذَا. وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ، فَإِنَّ الرَّسُولَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، وَلَكِنَّ الْفِطْرَةَ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ يُعْلَمُ بِهِ إِثْبَاتُ الصَّانِعِ، لَمْ يَكُنْ فِي مُجَرَّدِ الرِّسَالَةِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ إِقْرَارَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِذَلِكَ أَمْرٌ لَازِمٌ لِكُلِّ بَنِي آدَمَ، بِهِ تَقُومُ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَصْدِيقِ رُسُلِهِ، فَلَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا غَافِلًا، وَلَا أَنَّ الذَّنْبَ كَانَ لِأَبِي الْمُشْرِكِ دُونِي لِأَنَّهُ عَارِفٌ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فِي التَّعْطِيلِ، وَالْإِشْرَاكِ بَلْ قَامَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعَذَابَ.
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ - لِكَمَالِ رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ - لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ إِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فَاعِلًا لِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ: فَلِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ حُجَّتَانِ قَدْ أَعَدَّهُمَا عَلَيْهِ لَا يُعَذِّبُهُ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِهِمَا:
إِحْدَاهُمَا: مَا فَطَرَهُ عَلَيْهِ، وَخَلَقَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ رَبُّهُ، وَمَلِيكُهُ وَفَاطِرُهُ، وَحَقُّهُ عَلَيْهِ لَازِمٌ.
وَالثَّانِيَةُ: إِرْسَالُ رُسُلِهِ إِلَيْهِ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ، وَتَقْرِيرِهِ وَتَكْمِيلِهِ، فَيَقُومُ عَلَيْهِ شَاهِدُ الْفِطْرَةِ، وَالشِّرْعَةِ، وَيُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا كَمَا قَالَ تَعَالَى:

نام کتاب : أحكام أهل الذمة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 1013
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست