نام کتاب : شرح حديث النزول نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 114
وفي حديث آخر: " أقرب ما يكون الرب من عبده في جَوْف الليل الآخر "، وفي صحيح مسلم: " إن الله ينزل إلى سماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل "، وفي صحيح مسلم ـ أيضًا ـ: " إذا مضى شَطْر الليل أو ثلثاه، ينزل الله إلى سماء الدنيا " فما ذكر من تقدم اختلاف الليل في البلاد، يبطل قول من يظن أنه يخلو منه العرش، ويصير تحت العرش أو تحت السماء.
وأما النزول ـ الذي لا يكون من جنس نزول أجسام العباد ـ فهذا لا يمتنع أن يكون في وقت واحد لخلق كثير، ويكون قدره لبعض الناس أكثر، بل لا يمتنع أن يقرب إلى خلق من عباده دون بعض، فيقرب إلى هذا الذي دعاه دون هذا الذي لم يدعه. وجميع ما وصف به الرب ـ عز وجل ـ نفسه من القرب، فليس فيه ما هو عام لجميع المخلوقات كما في المعية؛ فإن المعية وصف نفسه فيها بعموم وخصوص.
وأما قربه مما يقرب منه، فهو خاص لمن يقرب منه، كالداعي والعابد، وكقربه عشية عرفة، ودنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج، وإن كانت تلك العشية بعرفة قد تكون وسط النهار في بعض البلاد، وتكون ليلا في بعض البلاد؛ فإن تلك البلاد لم يَدْنُ إليها، ولا إلى سمائها الدنيا، وإنما دنا إلى السماء الدنيا التي على الحُجَّاج، وكذلك نزوله بالليل.
وهذا كما أن حسابه لعباده يوم القيامة يحاسبهم كلهم في ساعة واحدة، وكل منهم يخلو به كما يخلو الرجل بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه، وذلك المحاسب لا يرى أنه يحاسب غيره. كذلك قال أبو رَزِين: للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا سيخلو به ربه كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر "، قال: يا رسول الله، كيف ونحن جميع وهو واحد؟ ! فقال: " سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر كلكم يراه مخليا به، فالله أكبر ". وقال رجل لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ كيف يحاسب الله العباد في ساعة واحدة؟ قال: كما يرزقهم في ساعة واحدة.
وكذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله: قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي
نام کتاب : شرح حديث النزول نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 114