responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 299
فَهَؤُلَاءِ تجدهم من أظلم النَّاس وأجبرهم إِذا قدرُوا وَمن أذلّ النَّاس وأجزعهم إِذا قهروا إِن قهرتهم ذلوا لَك ونافقوك وحابوك واسترحموك ودخلوا فِيمَا يدْفَعُونَ بِهِ عَن أنفسهم من أَنْوَاع الْكَذِب والذل وتعظيم المسؤول وَإِن قهروك كَانُوا من أظلم النَّاس وأقساهم قلبا وَأَقلهمْ رَحْمَة وإحسانا وعفوا كَمَا قد جربه الْمُسلمُونَ فِي كل من كَانَ عَن حقائق الْإِيمَان أبعد مثل التتار الَّذين قَاتلهم الْمُسلمُونَ وَمن يشبههم فِي كثير من أُمُورهم وَإِن كَانَ متظاهرا بلباس جند الْمُسلمين وعلمائهم وزهادهم وتجارهم وصناعهم فالاعتبار بالحقائق فَإِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالكُم وَإِنَّمَا ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ
فَمن كَانَ قلبه وَعَمله من جنس قُلُوب التتار وأعمالهم كَانَ شَبِيها لَهُم من هَذَا الْوَجْه وَكَانَ مَا مَعَه من الْإِسْلَام أَو مَا يظهره مِنْهُ بِمَنْزِلَة مَا مَعَهم من الْإِسْلَام وَمَا يظهرونه مِنْهُ بل يُوجد فِي غير التتار المقاتلين من المظهرين لِلْإِسْلَامِ من هُوَ أعظم ردة وَأولى بالأخلاق الْجَاهِلِيَّة وَأبْعد عَن الْأَخْلَاق الإسلامية من التتار
وَفِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول فِي خطبَته خير الْكَلَام كَلَام الله وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة وَإِذا كَانَ خير الْكَلَام كَلَام الله وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد فَكل من كَانَ إِلَى ذَلِك أقرب وَهُوَ بِهِ أشبه كَانَ إِلَى الْكَمَال أقرب وَهُوَ بِهِ أَحَق وَمن كَانَ عَن ذَلِك أبعد وَشبهه بِهِ أَضْعَف كَانَ عَن الْكَمَال أبعد وبالباطل أَحَق والكامل هُوَ من كَانَ لله أطوع وعَلى مَا يُصِيبهُ أَصْبِر فَكلما كَانَ أتبع لما يَأْمر الله بِهِ وَرَسُوله وَأعظم مُوَافقَة لله فِيمَا يُحِبهُ ويرضاه وصبرا على مَا قدره وقضاه كَانَ أكمل وَأفضل وكل من نقص عَن هذَيْن كَانَ فِيهِ من النَّقْص بِحَسب ذَلِك
وَقد ذكر الله تَعَالَى الصَّبْر وَالتَّقوى جَمِيعًا فِي غير مَوضِع من كِتَابه وَبَين أَنه ينتصر العَبْد على عدوه من الْكفَّار الْمُحَاربين المعاندين وَالْمُنَافِقِينَ وعَلى من ظلمه من الْمُسلمين ولصاحبه تكون الْعَاقِبَة قَالَ الله تَعَالَى {بلَى إِن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هَذَا يمددكم ربكُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسومين} وَقَالَ الله تَعَالَى {لتبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا ودوا مَا عنتم قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر قد بَينا لكم الْآيَات إِن كُنْتُم تعقلون هَا أَنْتُم أولاء تحبونهم وَلَا يحبونكم وتؤمنون بِالْكتاب كُله وَإِذا لقوكم قَالُوا آمنا وَإِذا خلوا عضوا عَلَيْكُم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إِن الله عليم بِذَات الصُّدُور إِن تمسسكم حَسَنَة تسؤهم وَإِن تصبكم سَيِّئَة يفرحوا بهَا وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم كيدهم شَيْئا إِن الله بِمَا يعْملُونَ مُحِيط}

نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست