responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 126
إِلَّا فِي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة مِنْهُم من نفى رُؤْيَته بِالْعينِ فِي الدُّنْيَا وَمِنْهُم من أثبتها وَقد بسطت هَذِه الْأَقْوَال والأدلة من الْجَانِبَيْنِ فِي غير هَذَا الْموضع وَالْمَقْصُود هُنَا نقل إِجْمَاع السّلف على إِثْبَات الرُّؤْيَة بِالْعينِ فِي الْآخِرَة ونفيها فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْخلاف فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأما احتجاجه واحتجاج النفاة أَيْضا بقوله تَعَالَى {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} سُورَة الْأَنْعَام 103 فالآية حجَّة عَلَيْهِم لَا لَهُم لِأَن الْإِدْرَاك إِمَّا أَن يُرَاد بِهِ مُطلق الرُّؤْيَة أَو الرُّؤْيَة الْمقيدَة بالإحاطة وألأول بَاطِل لِأَنَّهُ لَيْسَ كل من رأى شَيْئا يُقَال أَنه أدْركهُ كَمَا لَا يُقَال أحَاط بِهِ كَمَا سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن ذَلِك فَقَالَ أَلَسْت ترى السَّمَاء قَالَ بلَى قَالَ أكلهَا ترى قَالَ لَا
وَمن رأى جَوَانِب الْجَيْش أَو الْجَبَل أَو الْبُسْتَان أَو الْمَدِينَة لَا يُقَال أَنه أدْركهَا وَإِنَّمَا يُقَال أدْركهَا إِذا أحَاط بهَا رُؤْيَة وَنحن فِي هَذَا الْمقَام لَيْسَ علينا بَيَان ذَلِك وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذَا بَيَانا لسند الْمَنْع بل الْمُسْتَدلّ بِالْآيَةِ عَلَيْهِ أَن يبين أَن الْإِدْرَاك فِي لُغَة الْعَرَب مرادف للرؤية وَأَن كل من رأى شَيْئا يُقَال فِي لغتهم أَنه أدْركهُ وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ كَيفَ وَبَين لفظ الرُّؤْيَة وَلَفظ الْإِدْرَاك عُمُوم وخصوص أَو اشْتِرَاك لَفْظِي فقد تقع رُؤْيَة بِلَا إِدْرَاك وَقد يَقع إِدْرَاك بِلَا رُؤْيَة فَإِن الْإِدْرَاك يسْتَعْمل فِي إِدْرَاك الْعلم وَإِدْرَاك الْقُدْرَة فقد يدْرك الشَّيْء بِالْقُدْرَةِ وَإِن لم يُشَاهد كالأعمى الَّذِي طلب رجلا هَارِبا مِنْهُ فأدركه وَلم يره وَقد قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون قَالَ كلا إِن معي رَبِّي سيهدين} سُورَة الشُّعَرَاء 61 62 فنفى مُوسَى الْإِدْرَاك مَعَ إِثْبَات الترائي فَعلم أَنه قد يكون رُؤْيَة بِلَا إِدْرَاك والإدراك هُنَا هُوَ إِدْرَاك الْقُدْرَة أَي ملحقون محاط بِنَا وَإِذا انْتَفَى هَذَا الْإِدْرَاك فقد تَنْتفِي إحاطة الْبَصَر أَيْضا
وَمِمَّا يبين ذَلِك أَن الله تَعَالَى ذكر هَذِه الْآيَة يمدح بهَا نَفسه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَعْلُوم أَن كَون الشَّيْء لَا يرى لَيْسَ صفة مدح لِأَن النَّفْي الْمَحْض لَا يكون مدحا إِن لم يتَضَمَّن أمرا ثبوتيا وَلِأَن الْمَعْدُوم أَيْضا لَا يرى والمعدوم لَا يمدح فَعلم أَن مُجَرّد نفي الرُّؤْيَة لَا مدح فِيهِ
وَهَذَا أصل مُسْتَمر وَهُوَ أَن الْعَدَم الْمَحْض الَّذِي لَا يتَضَمَّن ثبوتا لَا مدح فِيهِ وَلَا كَمَال فَلَا يمدح الرب نَفسه بِهِ بل وَلَا يُوصف نَفسه بِهِ وَإِنَّمَا يصفها بِالنَّفْيِ المتضمن معنى ثُبُوت كَقَوْلِه {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} وَقَوله {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} وَقَوله {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} وَقَوله {وَلَا يؤوده حفظهما وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم} سُورَة الْبَقَرَة 225 وَقَوله {لَا يعزب عَنهُ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض} سُورَة سبأ 3 وَقَوله {وَمَا مسنا من لغوب}

نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست