نام کتاب : درء تعارض العقل والنقل نویسنده : ابن تيمية جلد : 5 صفحه : 321
والعبادات والأخلاق، ونهى عنه من الشرك والظلم والفواحش وغير ذلك، إذا جوز المجوز أن يكون في الأدلة العقلية القطعية، التي يجب اتباعها وتقديمها عليه عند التعارض، ما يناقض مدلول ذلك ومفهومه ومقتضاه، لم يمكنه أن يعرف ثبوت شيء مما أخبر به الرسول، إن لم يعلم انتفاء المعارض المذكور، وهو لا يمكنه العلم بانتفاء هذا المعارض إن لم يعلم بدليل آخر عقلي ثبوت ما أخبر به الرسول، وإلا فإذا لم يعلم بدليل عقلي ثبوته، وليس معه ما يدل على ثبوته إلا أخبار الله ورسوله- وهذا عنده مما يجوز أن يعارضه عقلي تقدم عليه- فلا طريق له إلى العلم بانتفاء المعارضات العقلية، إلا أن يحيط علماً بكل ما يخطر ببال بني آدم، مما يظن انه دليل عقلي.
وهذا أمر لا ينضبط، وليس له حد، فإنه لا يزال يخطر لبني آدم من الخواطر، ويقع لهم من الآراء والاعتقادات، ما يظنونه دلائل عقلية، وهذه تتولد مع بني آدم كما يتولد الوسواس وحديث النفس، فإذا جوز أن يكون فيها ما هو قاطع عقلي معارض للنصوص مستحق للتقديم عليها، لم يمكنه الجزم بانتفاء هذا المعارض أبداً، فلا يمكنه الجزم بشيء مما أخبر به الرسول - بمجرد إخباره- أبداً، فلا يؤمن بشيء مما أخبر به الرسول، لكون الرسول أخبر به أبداً، ولا يستفيد من خبر الله ورسوله علماً ولا هدىً، بل ولا يؤمن بشيء من الغيب الذي أخبر به الرسول إذا لم يعلم ثبوته بعقله أبداً.
وحقيقة هذا سلب الإيمان برسالة الرسول وعدم تصديقه.
ثم إن لم يقم عنده المعارض المقدم بقي لا مصدقاً بما جاء به الرسول ولا مكذباً به
نام کتاب : درء تعارض العقل والنقل نویسنده : ابن تيمية جلد : 5 صفحه : 321