نام کتاب : درء تعارض العقل والنقل نویسنده : ابن تيمية جلد : 2 صفحه : 204
إلى الضرورة، فإذا كان من المعلوم بالضرورة: أن القابل للأكوان لا يخلو عنها، فلو وصفوه بالأكوان للزم أن لا يخلو عنها، وهم يقولون بامتناع تسلسل الحوادث، ويقولون: ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، كما يوافقهم على ذلك أبو المعالي وأمثاله، فإن كان هذا الفرق صحيحاً بطل الإلزام وصح فرقهم، وإن لم يكن هذا الفرق صحيحاً لم يكن في ذلك حجة للمنازع لهم، بل يقول القائل: كلاكما مخطىء، حيث قلتم بامتناع دوام الحوادث وتسلسلها.
ومعلوم أن هذا كلام متين لا جواب عنه، فإن فرقهم بين الأكوان وغيرها هو العلم الضروري من الجميع بأن القابل للأكوان لا يخلو منها، فما قبل الحركة والسكون لم يخل من أحدهما، فهذا هو محيصهم عما ألزمهم به، فإن كانت الأكوان كغيرها في أن القابل للشيء لا يخلو عنه ضده فقد ثبت تناقضهم إذا كان قابلاً لها، وإن لم تكن مثل غيرها - كما تقوله المعتزلة - صح فرقهم.
وهم يدعون أنه ليس قابلاً لها، كما قد وافقهم على ذلك المعتزلة والأشعرية.
فإذا قال المعترض عليهم: يجب على أصلهم أن يكون قابلاً لها، لأنهم يصفونه بكونه متحيزاً، وكل متحيز جسم وجرم، قيل: هذا كما تقوله المعتزلة للأشعرية: يلزمكم إذا قلتم إن له حياة وعلماً وقدرة: أن يكون متحيزاً، لأنه لا يعقل قيام هذه الصفات إلا بمتحيز، ويقولون:
نام کتاب : درء تعارض العقل والنقل نویسنده : ابن تيمية جلد : 2 صفحه : 204