responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 649
هُمْ بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَحَكَاهَا عَنْهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَكَانَ يُكْتَبُ لِرَسُولِ اللَّهِ
كِتَابَةً بِالْعَرَبِيَّةِ فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ وَصِفَاتُهُ، فَيُعَبِّرُ بِالْأَلْسِنَةِ عَنْهَا، وَيُكْتَبُ إلَيْهِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ فَيُعَبِّرُ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْعَرَبِيَّةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يُدْعَى بِكُلِّ لِسَانٍ بِأَسْمَائِهِ فَيُجِيبُ وَيُحْلَفُ بِهَا فَيَلْزَمُ وَيُنْشَدُ فَيُجَازِي، وَيُوصَفُ فَيُعْرَفُ.
ثُمَّ قَالُوا: لَيْسَ ذَاتُ الرَّسُولِ بِحُجَّةٍ، وَقَالُوا: مَا هُوَ بَعْدَمَا مَاتَ بِمُبَلِّغٍ فَيَلْزَمُ بِهِ الْحُجَّةُ، فَسَقَطَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ رَبٌّ، وَلَا فِي الرَّوْضَةِ رَسُولٌ وَلَا فِي الْأَرْضِ كِتَابٌ، كَمَا سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَمَّارٍ يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مَوَّهُوهَا وَوَرَّوْا عَنْهَا وَاسْتَوْحَشُوا مِنْ تَصْرِيحِهَا، فَإِنَّ حَقَائِقَهَا لَازِمَةٌ لَهُمْ؛ وَأَبْطَلُوا التَّقْلِيدَ، فَكَفَّرُوا آبَاءَهُمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَعَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَوْجَبُوا النَّظَرَ فِي الْكَلَامِ وَاضْطَرُّوا إلَيْهِ الدِّينَ بِزَعْمِهِمْ، فَكَفَّرُوا السَّلَفَ وَسَمَّوْا الْإِثْبَاتَ تَشْبِيهًا، فَعَابُوا الْقُرْآنَ وَضَلَّلُوا رَسُولَ اللَّهِ.
فَلَا يَكَادُ يُرَى مِنْهُمْ رَجُلًا وَرِعًا، وَلَا لِلشَّرِيعَةِ مُعَظِّمًا وَلَا لِلْقُرْآنِ مُحْتَرِمًا وَلَا لِلْحَدِيثِ مُوَقِّرًا، سُلِبُوا التَّقْوَى وَرِقَّةَ الْقَلْبِ وَبَرَكَةَ التَّعَبُّدِ وَوَقَارَ الْخُشُوعِ. وَاسْتَفْضَلُوا الرَّسُولَ فَانْظُرْ أَنْتَ إلَى أَحَدِهِمْ إذْ لَا هُوَ طَالِبُ أَثَرِهِ وَلَا مُتَّبِعُ أَخْبَارِهِ وَلَا مُنَاضِلٌ عَنْ سُنَّتِهِ وَلَا هُوَ رَاغِبٌ فِي أُسْوَتِهِ يَتَلَقَّبُ بِمَرْتَبَةِ الْعِلْمِ وَمَا عَرَفَ حَدِيثًا وَاحِدًا، تَرَاهُ يَهْزَأُ بِالدِّينِ وَيَضْرِبُ لَهُ الْأَمْثَالَ وَيَتَلَعَّبُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ وَيُخْرِجُهُمْ أَصْلًا مِنْ الْعِلْمِ.
لَا تَنْقُرُ لَهُمْ عَنْ بِطَانَةٍ إلَّا خَانَتْك، وَلَا عَنْ عَقِيدَةٍ إلَّا أَرَابَتْك، أَلَيْسُوا ظَلَمَةَ الْهَوَى وَسُلِبُوا هَيْبَةَ الْهُدَى، فَتَنْبُو عَنْهُمْ الْأَعْيُنُ وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُمْ الْقُلُوبُ وَقَدْ شَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ رَأْسَهُمْ عَلِيَّ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ لَا يَسْتَنْجِي وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يُصَلِّي.
قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ الْعُمَرِيَّ النَّسَّابَةَ أَخْبَرَنَا الْمُعَافِي سَمِعَتْ أَبَا الْفَضْلِ الْحَارِثِيَّ الْقَاضِي بِسَرْخَسَ يَقُولُ سَمِعْت زَاهِرَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: أَشْهَدُ لَمَاتَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ مُتَحَيِّرًا لِمَسْأَلَةِ تَكَافُؤِ الْأَدِلَّةِ، فَلَا هُدَى اللَّهِ أَنَاطَ مَخَارِيقَهُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُطَّلِبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَانَ مِنْ أَبَرِّ خَلْقِ اللَّهِ قَلْبًا وَأَصْوَبِهِمْ صَمْتًا وَأَهْدَاهُمْ هَدْيًا وَأَعْمَقِهِمْ قَلْبًا وَأَقَلِّهِمْ تَعَمُّقًا وَأَقْرَبِهِمْ لِلدِّينِ وَأَبْعَدِهِمْ مِنْ التَّنَطُّعِ وَأَنْصَحِهِمْ لِخَلْقِ اللَّهِ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 649
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست