responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 641
وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ، وَلَزِمَكُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْإِيمَانِ، وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ طَاعَةَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا لَهَا فَإِنْ ضَمَّ ضَامٌّ هَذَا إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» تَرَكَّبَ مِنْ هَذَيْنِ أَنَّ كُلَّ كَافِرٍ وَفَاجِرٍ، فَإِنَّهُ قَدْ اتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ، وَأَنَّهُ قَدْ أَتَى فِيمَا أُمِرَ بِهِ بِمَا اسْتَطَاعَ إذْ لَمْ يَسْتَطِعْ غَيْرَ مَا فَعَلَ، وَأَنْتُمْ لَا تَلْتَزِمُونَ ذَلِكَ فَهُوَ لَازِمُ قَوْلِكُمْ إذَا لَمْ تَجْعَلُوا الِاسْتِطَاعَةَ نَوْعَيْنِ.
وَقَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ اسْتِطَاعَةَ الْعَبْدِ صَالِحَةً لِلنَّوْعَيْنِ وَلَا يُثْبِتُونَ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَقْرَبُ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالشَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِكُمْ أَنَّهُ لَا اسْتِطَاعَةَ إلَّا لِلْفَاعِلِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا، فَلَا اسْتِطَاعَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ تَدَبَّرَ الْقَوْلَيْنِ بِغَيْرِ هَوًى عَلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِنْ خِلَافِ السُّنَّةِ مَا فِيهِ، فَقَوْلُكُمْ أَكْثَرُ خِلَافًا لِلسُّنَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ بَلْ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ أَفْعَالَهُ فَضَلُّوا بِقَوْلِهِمْ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَفْعَلُ أَفْعَالَهُ بَلْ هِيَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ هِيَ كَسْبٌ لِلْعَبْدِ، وَلَمْ تُفَرِّقُوا بَيْنَ الْكَسْبِ وَالْفِعْلِ بِفَرْقٍ مَعْقُولٍ وَادَّعَيْتُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا أَمْرٌ مُحْدَثٌ مُمْكِنٌ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ وَاجِبٍ، وَهَذَا حَقٌّ أَصَبْتُمْ فِيهِ دُونَ الْمُعْتَزِلَةِ. لَكِنْ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ مَنْ ادَّعَى الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُحْدِثُ أَفْعَالَهُ وَهَذَا أَيْضًا حَقٌّ أَصَابُوا فِيهِ دُونَكُمْ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِأَفْعَالِهِ حَقِيقَةً وَاَللَّهُ خَلَقَ الْفَاعِلَ فَاعِلًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20] {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] وَلَيْسَ كَوْنُهُ قَادِرًا مُرِيدًا فَاعِلًا بِأَلْزَمَ لَهُ مِنْ كَوْنِهِ طَوِيلًا قَصِيرًا وَاَللَّهُ خَلَقَهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبَادَ يَفْعَلُونَ وَيَصْنَعُونَ بِمُنَافٍ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَلَقَهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ.
وَكَوْنُ الْعَبْدِ فَاعِلًا لِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ الْقُدْرَةِ هُوَ كَسَائِرِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُوَّةٍ فِيهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 641
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست