responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 632
وَكَذَلِكَ قَوْلُكُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَمَّا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ مَخْلُوقٌ حَتَّى كَفَّرُوهُمْ، وَصَبَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى امْتِحَانِ الْجَهْمِيَّةِ مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِمْ حَتَّى نَصَرَ اللَّهُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَأَطْفَأَ الْفِتْنَةَ فَتَظَاهَرْتُمْ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، وَمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَانْتَسَبْتُمْ إلَى أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ.
وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ: فَأَنْتُمْ مُوَافِقُونَ لِلْمُعْتَزِلَةِ مِنْ وَجْهٍ، وَمُخَالِفُوهُمْ مِنْ وَجْهٍ، وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ أَنْتُمْ وَهُمْ، فَأَنْتُمْ أَقْرَبُ إلَى السُّنَّةِ مِنْ وَجْهٍ، وَهُمْ أَقْرَبُ إلَى السُّنَّةِ مِنْ وَجْهٍ، وَقَوْلُهُمْ أَفْسَدُ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ وَجْهٍ، وَقَوْلُكُمْ أَفْسَدُ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ وَجْهٍ.
ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ قَالُوا: إنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، وَالْمُتَكَلِّمُ مَنْ فِعْلِ الْكَلَامَ وَقَالُوا: إنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ، وَالْقُرْآنُ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَالُوا: الْكَلَامُ يَنْقَسِمُ إلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ وَهَذِهِ أَنْوَاعُ الْكَلَامِ لَا صِفَاتُهُ، وَالْقُرْآنُ غَيْرُ التَّوْرَاةِ، وَالتَّوْرَاةُ غَيْرُ الْإِنْجِيلِ وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ.
وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: إنَّ الْكَلَامَ مَعْنًى وَاحِدٌ قَدِيمٌ قَائِمٌ بِذَاتِ الْمُتَكَلِّمِ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَهَذِهِ صِفَاتُ الْكَلَامِ لَا أَنْوَاعُهُ، فَإِنْ عُبِّرَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالْعِبْرِيَّةِ كَانَ تَوْرَاةً، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ كَانَ إنْجِيلًا، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا، وَالْحُرُوفُ الْمُؤَلَّفَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْكَلَامِ، وَلَا هِيَ كَلَامٌ، وَالْكَلَامُ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنْ اللَّهِ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ بَلْ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ كِلَابٍ، أَوْ عِبَارَةُ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ كَمَا قَالَهُ الْأَشْعَرِيُّ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّكُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ حَيْثُ جَعَلْتُمْ الْمُتَكَلِّمَ مَنْ قَامَ بِهِ الْكَلَامُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ الْكَلَامُ لَا يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْحَيَاةُ لَا يَكُونُ عَالِمًا بِهِ، وَلَا قَادِرًا بِهَا، وَلَا حَيًّا بِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ مَخْلُوقًا فِي جِسْمٍ مِنْ الْأَجْسَامِ لَكَانَ ذَلِكَ الْجِسْمُ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ، فَكَانَتْ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةَ لِمُوسَى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] فَهَذَا مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 632
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست