responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 617
قَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرُّسْتُمِيُّ: حَكَى لَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ نَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِنَيْسَابُورَ، فَأُقْعِدَ، فَقَالَ لَنَا: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي رَجَعْت عَنْ كُلِّ مَقَالَةٍ قُلْتهَا أُخَالِفُ فِيهَا مَا قَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَأَنِّي أَمُوتُ عَلَى مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَجَائِزُ نَيْسَابُورَ.
وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ سَلَكُوا خَلْفَهُ مِنْ تَلَامِذَتِهِ وَتَلَامِذَةِ تَلَامِذَتِهِ وَتَلَامِذَةِ تَلَامِذَةِ تَلَامِذَتِهِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَلِقِلَّةِ عِلْمِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ سَلَفِ الْأُمَّةِ يَظُنُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَوَادِثِ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ حُكْمُهَا بِالْقِيَاسِ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِالنُّصُوصِ وَدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَأَمْثَالِهِ: إنَّ النُّصُوصَ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الْحَوَادِثِ، أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ بَعْضِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا قَدْ يُسَمَّى قِيَاسًا جَلِيًّا، وَقَدْ يُجْعَلُ مِنْ دَلَالَةِ مِثْلِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَالْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمِثْلِ الْجُمُودِ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ الضَّعِيفِ، وَمِثْلِ الْإِعْرَاضِ عَنْ مُتَابَعَةِ أَئِمَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَا هُوَ مَعِيبٌ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْقَدْحُ فِي أَعْرَاضِ الْأَئِمَّةِ، لَكِنْ الْغَرَضُ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فِي اسْتِيعَابِ النُّصُوصِ لِلْحَوَادِثِ، وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ بَيَّنَ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ مِمَّنْ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ لَمْ يُبَيِّنْ لِلنَّاسِ حُكْمَ أَكْثَرِ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ، بَلْ وَكَّلَهُمْ فِيهَا إلَى الظُّنُونِ الْمُتَقَابِلَةِ وَالْآرَاءِ الْمُتَعَارِضَةِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا كُلِّهِ ضَعْفُ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ لِأَبِي الْمَعَالِي وَأَمْثَالِهِ بِذَلِكَ عِلْمٌ رَاسِخٌ، وَكَانُوا قَدْ عَضُّوا عَلَيْهِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ لَكَانُوا مُلْحَقِينَ بِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ لِأَسْبَابِ الِاجْتِهَادِ، وَلَكِنْ اتَّبَعَ أَهْلُ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ وَالرَّأْيِ الضَّعِيفِ لِلظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ، الَّذِي يَنْقُضُ صَاحِبَهُ إلَى حَيْثُ جَعَلَهُ اللَّهُ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، فَلَيْسَ الْفَضْلُ بِكَثْرَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَكِنْ بِالْهُدَى وَالسَّدَادِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ: «مَا ازْدَادَ مُبْتَدِعٌ اجْتِهَادًا إلَّا ازْدَادَ مِنْ اللَّهِ بُعْدًا» وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَوَارِجِ: يَحْقِرُ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست