responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 595
وَأَمَّا سُؤَالُكُمْ لَنَا: هَلْ هَذَا الَّذِي نَسْمَعُهُ صَوْتُ اللَّهِ تَعَالَى؟ أَمْ صَوْتُ الْآدَمِيِّ؟ فَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا جَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا قُلْنَا إنَّهُ ظَهَرَ عِنْدِ حَرَكَاتِ آلَاتِ الْآدَمِيِّ فِي مَحَلِّ قُدْرَتِهِ مِنْ الْأَصْوَاتِ فَإِنَّمَا هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْعَبْدِ وَلَا مِنْهُ، وَلَا هُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ التَّوَلُّدِ وَالِانْفِعَالِ وَنَتَائِجِ الْعَقْلِ، وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا تُوجِبُهُ الْإِضَافَةُ، وَاَلَّذِي تُوجِبُهُ الْإِضَافَةُ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا وَكَلَامًا لِلَّهِ.
وَقَدْ اتَّفَقْنَا أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ قَدِيمٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ نَقُولَ: إنَّ مَا يَصِلُ إلَى السَّمْعِ هُوَ صَوْتُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي ثَبَتَ بِالْأَدِلَّةِ الْجَلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ قَالُوا: لَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ زِيَادَةَ الْأَصْوَاتِ تَكْثُرُ عِنْدَ كَثْرَةِ الِاعْتِمَادَاتِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الْأَدَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ عَلَى وَجْهٍ لَا زِيَادَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ كَافٍ فِي إيصَالِهِ إلَى السَّمْعِ عَلَى وَجْهٍ، فَإِنْ نَقَصَ لَمْ يَصِلْ وَإِنْ زَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَصَلَ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، إمَّا فِي وَاقِعِ رَفْعِ الصَّوْتِ وَإِمَّا فِي الْأَدَاءِ مِنْ الْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَالتَّشْدِيدِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حِلْيَةِ التِّلَاوَةِ، وَتَصْفِيَةِ الْأَدَاءِ بِالْقُوَّةِ وَالتَّحْسِينِ، فَمَا لَا غِنَاءَ عَنْهُ فِي تَحْصِيلِ الِاسْتِمَاعِ وَتَكْمِلَةِ الْفَهْمِ فَذَلِكَ هُوَ الْقَدِيمُ، وَمَا قَارَنَهُ مِمَّا اقْتَضَى الزِّيَادَةَ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَوْ أُسْقِطَ لَمَا أَثَّرَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِمَاعِ وَالْفَهْمِ فَذَلِكَ مُضَافٌ إلَى الْعَبْدِ.
فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ اقْتَرَنَ الْقَدِيمُ بِالْمُحْدَثِ عَلَى وَجْهٍ يَعْسُرُ تَمْيِيزُهُ إلَّا بَعْدَ التَّلَفُّظِ وَالتَّأَنِّي فِي التَّدَبُّرِ لِيَصِلَ بِذَلِكَ إلَى مَقَامِ الْفَهْمِ وَالتَّبْيِينِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ عِنْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ يَمْضِي الْعَقْلُ بِتَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ.
قُلْت: دَعْوَى أَنَّ هَذَا الصَّوْتَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْعَبْدِ، أَوْ بَعْضَهُ، هُوَ صَوْتُ اللَّهِ، أَوْ هُوَ قَدِيمٌ، بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مُخَالِفَةٌ لِضَرُورَةِ الْعَقْلِ لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ، بَلْ أَنْكَرَهَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ الطَّوَائِفِ.
وَهِيَ أَقْبَحُ وَأَنْكَرُ مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست