responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 559
أَحَدُهَا: إنَّهُ الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يَتَجَزَّأُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَرَكَّبُ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا تَفْسِيرُ الِاسْمِ الْوَاحِدِ، وَهَذِهِ الْوَحْدَانِيَّةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرُوهَا هُنَا إذْ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يَتَبَعَّضُ أَنَّهُ لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُ نَحْوًا مِنْهُ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُنَازِعُهُمْ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ وَكَذَلِكَ كَانَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ يَنْفُونَ التَّبْعِيضَ عَنْ اللَّهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْهَدُ وَلَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ وَلَا يُدْرَكُ مِنْهُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ بِحَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي نَفْسِهِ حَقِيقَةٌ عِنْدَهُمْ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا يُمْكِنُهُ هُوَ أَنْ يُشِيرَ مِنْهَا إلَى شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ أَوْ يَرَى عِبَادُهُ مِنْهَا شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بِحَيْثُ إذَا تَجَلَّى لِعِبَادِهِ يُرِيهِمْ مِنْ نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ عِنْدَهُمْ وَلَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ الْعِبَادُ مَحْجُوبِينَ عَنْهُ بِحِجَابٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُمْ يَمْنَعُ أَبْصَارَهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ. فَإِنَّ الْحِجَابَ لَا يَحْجُبُ إلَّا مَا هُوَ جِسْمٌ مُنْقَسِمٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ الْحِجَابَ لِيَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِهِ حِجَابٌ أَصْلًا وَلَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَلْقَاهُ الْعَبْدُ أَوْ يَصِلُ إلَيْهِ أَوْ يَدْنُو مِنْهُ أَوْ يَقَرُّ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَهُمْ بِكَوْنِهِ لَا يَنْقَسِمُ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ نَفْيَ التَّجْسِيمِ إذْ كُلُّ مَا ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ كَانَ جِسْمًا مُنْقَسِمًا مُرَكَّبًا وَالْبَارِي مُنَزَّهٌ عِنْدَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي.
وَالْمَعْنَى الثَّانِي: مِنْ مَعَانِي الْوَاحِدِ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي لَا شَبِيهَ لَهُ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ لَكِنْ أَجْمَلُوهَا فَجَعَلُوا نَفْيَ الصِّفَاتِ أَوْ بَعْضِهَا دَاخِلًا فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَاضْطَرَبُوا فِي ذَلِكَ عَلَى دَرَجَاتٍ لَا تَنْضَبِطُ.
وَالْمُعْتَزِلَةِ تَزْعُمُ أَنَّ نَفْيَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّوْحِيدِ وَنَفْيَ التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ وَالصِّفَاتِيَّةُ تَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّوْحِيدِ وَنَفْيِ التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ مُضْطَرِبُونَ فِيمَا يَنْفُونَهُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ وَافَقُوا أُولَئِكَ عَلَى أَنَّ مَا نَفَوْهُ مِنْ التَّشْبِيهِ وَمَا نَفَوْهُ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي سَمَّوْهُ تَجْسِيمًا وَهُوَ التَّوْحِيدُ الَّذِي لَا يَتِمُّ الدِّينُ إلَّا بِهِ وَهُوَ أَصْلُ الدِّينِ عِنْدَهُمْ وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَيْسَتْ مِمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَلَمْ يَكُنْ الرَّسُولُ يُعَلِّمُ أُمَّتَهُ هَذِهِ الْأُمُورَ وَلَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا التَّوْحِيدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ لَمْ يَدْعُ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست