responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 520
ذَلِكَ إلَى الْعِلْمِ وَالتَّمْيِيزِ وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ حَاذِقُ الْأَشْعَرِيَّةِ الْمُسْتَأْخِرِينَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ أَنْ يَحُدَّ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ تَعَقَّبَ حُدُودَ النَّاسِ بِالْإِبْطَالِ وَرَدَّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ الْحَدِّ أَوْ أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّقْسِيمِ وَالتَّمْثِيلِ قَالَ هُوَ صِفَةٌ جَازِمَةٌ قَائِمَةٌ بِالنَّفْسِ يُوجِبُ لِمَنْ قَامَ بِهِ تَمْيِيزًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي النَّفْسِ مَعْنًى لِلْخَبَرِ غَيْرُ الْعِلْمِ فَهَذَا الْحَدُّ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَمَّا قَسَمَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ الْعِلْمَ إلَى تَصَوُّرٍ وَتَصْدِيقٍ وَجَعَلُوا التَّصَوُّرَ هُوَ الْعِلْمُ بِالْمُفْرَدَاتِ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ تَصَوُّرِهَا وَالتَّصْدِيقَ الْعِلْمَ بِالْمُرَكَّبَاتِ الْخَبَرِيَّةِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَسَمَّوْا الْعِلْمَ بِذَلِكَ تَصْدِيقًا وَجَعَلُوا نَفْسَ الْعِلْمِ هُوَ نَفْسَ التَّصْدِيقِ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْسِ تَصْدِيقٌ لِتِلْكَ الْقَضَايَا الْخَبَرِيَّةِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ لَوَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ بِهَا وَتَصْدِيقِهَا وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ وَالتَّصْدِيقَ قَدْ يَعْتَقِدُهُ الْإِنْسَانُ فَيَعْقِلُهُ وَيَضْبِطُهُ وَيَلْتَزِمُ مُوجِبَهُ وَقَدْ لَا يَعْتَقِدُهُ وَلَا يَعْقِلُهُ وَلَا يَضْبِطُهُ وَلَا يَلْتَزِمُ مُوجِبَهُ فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُؤْمِنُ وَالثَّانِي هُوَ الْكَافِرُ.
إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنْ اللَّهِ فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا عَقَلَهُ وَاعْتَقَدَهُ أَيْ ضَبَطَهُ وَأَمْسَكَهُ وَالْتَزَمَ مُوجِبَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ اعْتَقَدَ شَيْئًا كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَفْظُ الْعَقْدِ وَالِاعْتِقَادِ شَبِيهٌ بِلَفْظِ الْعَقْلِ وَالِاعْتِقَالِ وَمَعْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا يُجَامِعُ الْعِلْمَ تَارَةً وَيُفَارِقُهُ أُخْرَى فَمِنْ هُنَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ فِي النَّفْسِ خَبَرًا غَيْرُ الْعِلْمِ وَلَفْظُ الْعَقْدِ وَالْعَقْلِ لَمَّا كَانَ جَارِيًا عَلَى مَنْ يُمْسِكُ الْعِلْمَ فَيَعِيهِ وَيَحْفَظُهُ تَارَةً وَيَعْمَلُ بِمُوجِبِهِ كَانَ مُشْعِرًا بِأَنَّهُ يُوصَفُ بِذَلِكَ تَارَةً وَبِضِدِّهِ تَارَةً وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الْعِلْمِ وَعَنْ مُوجِبِهِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ اللَّفْظُ فِيمَنْ يُمْسِكُ بِمَا لَيْسَ بِعِلْمٍ، وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ امْتَنَعَ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِالِاعْتِقَادِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَارِقَهُ عِلْمُهُ وَلَا يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ بِعِلْمٍ فَوَصْفُهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وَصْفِهِ بِضِدِّ الْعِلْمِ، وَلَفْظُ الْفِقْهِ وَلَفْظُ الْفَهْمِ كِلَاهُمَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمًا مَسْبُوقًا بِعَدَمِهِ وَهَذَا فِي حَقِّ اللَّهِ مُمْتَنِعٌ.

[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي إثْبَاتِ أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَلَا الْإِرَادَةَ]
َ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ ضَرْبِ الْمَثَلِ بِأَمْرِ الِامْتِحَانِ وَخَبَرِ الْكَاذِبِ، يُقَالُ فِي ذَلِكَ لَا رَيْبَ أَنَّ الْكَاذِبَ الْمُخْبِرَ يُقَدِّرُ فِي نَفْسِهِ الشَّيْءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَيُخْبِرُ بِهِ بِلِسَانِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْمُقَدَّرُ هُوَ تَقْدِيرُ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْخَبَرَ الصِّدْقَ الَّذِي يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ صِدْقٌ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ الْعِلْمَ الْمُطَابِقَ لِلْخَارِجِ، فَالْمُخْبِرُ الْكَاذِبُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست