responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 453
فَقَدْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ كُفْرٍ وَتَشْبِيهٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ كَوْنَهُ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ كَلَامًا فِي نَفْسِهِ فَصَارَ حِينَئِذٍ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا وَبَيْنَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ نَاقِصًا فَصَارَ كَامِلًا لِأَنَّ عَدَمَ التَّكَلُّمِ صِفَةُ نَقْصٍ وَهَذَا هُوَ الْكُفْرُ فَإِنَّ وَصْفَ اللَّهِ بِالنَّقْصِ كُفْرٌ وَفِيهِ تَشْبِيهٌ لَهُ بِمَنْ كَانَ نَاقِصًا عَاجِزًا عَنْ الْكَلَامِ حَتَّى خَلَقَ لَهُ الْكَلَامَ.
وَلِهَذَا قَالَ: بَلْ نَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ فَبَيَّنَ أَنَّ كَوْنَهُ مَوْصُوفًا بِالتَّكَلُّمِ إذَا شَاءَ أَمْرٌ لَمْ يَزَلْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُحْدَثًا لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ كَمَالَهُ بَعْدَ نَقْصِهِ وَفِيهِ تَشْبِيهٌ لَهُ بِالْآدَمِيِّينَ كَمَا أَنَّ مَنْعَ تَكَلُّمِهِ بِالْكُلِّيَّةِ تَشْبِيهٌ لَهُ بِالْجَمَادَاتِ مِنْ الْأَصْنَامِ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ ثُمَّ إنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ ثُبُوتَ هَذِهِ الصِّفَةِ لَهُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ كَثُبُوتِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالنُّورِ وَالْعَظَمَةِ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا لَا يُقَالُ إنَّهُ كَانَ بِدُونِ هَذِهِ الصِّفَاتِ حَتَّى أَحْدَثهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ نَاقِصًا فَكَمُلَ بَعْدَ نَقْصِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
وَلِهَذَا كَانَ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ مَعَ الْجَهْمِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ بَيَانُ الْفَصْلِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلِهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ وَأَنَّ هَذَا لَيْسَ هَذَا وَيَذْكُرُونَ هَذَا الْفَرْقَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ وَأَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ لَهُمْ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَيْسَ يَعُودُ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ أَصْلًا بَلْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكَلَامِ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومِ وَنُطْقِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْمَوْصُوفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالصِّفَاتِ وَمِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْخَلْقِ كَمَا وَصَفَ غَيْرَهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إضَافَةَ اخْتِصَاصٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ إذْ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ أَصْلًا فَلَا يَكُونُ كَلَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا قَوْلًا أَصْلًا وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ يُثْبِتُ لَهُ صِفَةَ الِاخْتِصَاصِ بِالْقَوْلِ وَالْكَلَامِ وَلَمْ يُثْبِتْ قَطُّ لَهُ الصِّفَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ صِفَةِ الْخَلْقِ فَالْقُرْآنُ دَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْمَقُولِ وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْمَفْعُولِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَسَمَّاهُ كَلَامًا وَلَمْ يُسَمِّهِ خَلْقًا قَالَ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] .
وَقَالَ: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ} [البقرة: 75]

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست