responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 428
هَذَا لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ صَارُوا يُفَرِّعُونَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا مِنْ عِنْدِهِمْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهَا أَئِمَّتُهُمْ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَفْعَالِ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ يَعْتَقِدُ الْإِسْلَامَ فِي وُجُوبِ احْتِرَامِ الْمَصَاحِفِ وَإِكْرَامِهَا وَإِجْلَالِهَا وَتَنْزِيهِهَا وَفِي الْعَمَلِ يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» .
وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبِدْعَةِ يَتَنَاقَضُونَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ وَمَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ الْبِدْعَةِ لَكِنَّ التَّنَاقُضَ جَائِزٌ عَلَى الْعِبَادِ وَهُوَ أَيْسَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْتِزَامِ الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ وَالْإِلْحَادِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبِدْعَةُ هِيَ الْمِرْقَاةَ إلَى هَذَا الْفَسَادِ. وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي جَعَلَتْ الْقُرْآنَ هُوَ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فَإِنَّهُمْ وَافَقُوا الْجَهْمِيَّةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ أُولَئِكَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ وَسَائِرَ الْكَلَامِ هُوَ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعَانِي لَكِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا لِلَّهِ كَلَامًا تَكَلَّمَ هُوَ بِهِ وَقَامَ بِهِ وَلَا جَعَلُوا لِهَذِهِ الْحُرُوفِ مَعَانِيَ تَقُومُ بِاَللَّهِ أَصْلًا إذْ عِنْدَهُمْ لَمْ يَقُمْ بِاَللَّهِ لَا عِلْمٌ وَلَا إرَادَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ بَلْ جَعَلُوا الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ مَخْلُوقَةً خَلَقَهَا اللَّهُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَلَقَ فِي نَفْسِ الشَّجَرَةِ صَوْتًا سَمِعَهُ مُوسَى حُرُوفُ ذَلِكَ الصَّوْتِ {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةَ إنَّنِي، أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي إذْ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلَامِ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِهِ كَمَا أَنَّ الْمُتَحَرِّكَ بِالْحَرَكَةِ وَالْعَالِمَ بِالْعِلْمِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَغَيْرَهَا هُوَ مَنْ يَقُومُ بِهِ الصِّفَةُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ يَقُومُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ بِهِ أَصْلًا كَمَا لَا يَكُونُ عَالِمًا قَادِرًا بِعِلْمٍ وَقُدْرَةٍ لَا تَقُومُ إلَّا بِغَيْرِهِ وَمُتَحَرِّكًا بِحَرَكَةٍ لَا تَقُومُ إلَّا بِغَيْرِهِ وَطَرَدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الصِّفَاتِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَاعِلًا خَالِقًا وَمُكَوِّنًا بِفِعْلٍ وَخَلْقٍ وَتَكْوِينٍ لَا يَقُومُ إلَّا بِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ وَطَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَوْلُهَا قَوْلُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالتَّعْطِيلِ وَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْكُتُبِ فِي الظَّاهِرِ كَانُوا فِي ذَلِكَ مُنَافِقِينَ عَالِمِينَ بِنِفَاقِ أَنْفُسِهِمْ كَمَا عَلَيْهِ طَوَاغِيتُهُمْ الَّذِينَ عَلِمُوا بِمُخَالَفَةِ أَنْفُسِهِمْ لِلرُّسُلِ وَأَقْدَمُوا عَلَى ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ مُنَافِقُونَ زَنَادِقَةٌ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست