responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 418
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] ، وَقَالَ: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] ، وَقَالَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، وَقَالَ: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] فَوَاَللَّهِ مَا دَلَّهُمْ عَلَى عِظَمِ مَا وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا تُحِيطُ بِهِ قَبْضَتُهُ إلَّا صِغَرُ نَظِيرِهَا مِنْهُمْ عِنْدَهُمْ، أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أُلْقِيَ فِي رُوعِهِمْ وَخُلِقَ عَلَى مَعْرِفَةِ قُلُوبِهِمْ فَمَا وَصَفَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ فَسَمَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ سَمَّيْنَاهُ كَمَا سَمَّاهُ وَلَمْ نَتَكَلَّفْ مِنْهُ صِفَةَ مَا سِوَاهُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا لَا نَجْحَدُ مَا وَصَفَ وَلَا نَتَكَلَّفُ مَعْرِفَةَ مَا لَمْ يَصِفْ.
اعْلَمْ رَحِمَك اللَّهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ فِي الدِّينِ أَنْ تَنْتَهِيَ حَيْثُ انْتَهَى بِك وَلَا تُجَاوِزُ مَا قَدْ حُدَّ لَك فَإِنَّ مِنْ قِوَامِ الدِّينِ مَعْرِفَةَ الْمَعْرُوفِ وَإِنْكَارَ الْمُنْكَرِ فَمَا بُسِطَتْ عَلَيْهِ الْمَعْرِفَةُ وَسَكَنَتْ إلَيْهِ الْأَفْئِدَةُ وَذُكِرَ أَصْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَوَارَثَتْ عِلْمَهُ الْأُمَّةُ فَلَا تَخَافَنَّ فِي ذِكْرَهُ وَصِفَتِهِ مِنْ رَبِّك مَا وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ عَيْنًا وَلَا تَتَكَلَّفَنَّ بِمَا وَصَفَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا، وَمَا أَنْكَرَتْهُ نَفْسُك وَلَمْ تَجِدْ ذِكْرَهُ فِي كِتَابِ رَبِّك وَلَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ نَبِيِّك مِنْ ذِكْرِ رَبِّك فَلَا تَتَكَلَّفَنَّ عِلْمَهُ بِعَقْلِك وَلَا تَصِفَهُ بِلِسَانِك وَاصْمُتْ عَنْهُ كَمَا صَمَتَ الرَّبُّ عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ تَكَلُّفَك مَعْرِفَةَ مَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ مِثْلُ إنْكَارِك مَا وَصَفَ مِنْهَا، فَكَمَا أَعْظَمْت مَا جَحَدَ الْجَاحِدُونَ مِمَّا وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ أَعْظِمْ تَكَلُّفَ مَا وَصَفَ الْوَاصِفُونَ مِمَّا لَمْ يَصِفْ مِنْهَا، فَقَدَّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْمَعْرُوفَ وَبِمَعْرِفَتِهِمْ يُعْرَفُ، وَيُنْكِرُونَ الْمُنْكَرَ وَبِإِنْكَارِهِمْ يُنْكَرُ يَسْمَعُونَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِهِ وَمَا يَبْلُغُهُمْ مِثْلُهُ عَنْ نَبِيِّهِ، فَمَا مَرِضَ مِنْ ذِكْرِ هَذَا وَتَسْمِيَتِهِ مِنْ الرَّبِّ قَلْبُ مُسْلِمٍ، وَلَا تَكَلَّفَ صِفَةَ قَدْرِهِ وَلَا تَسْمِيَةَ غَيْرِهِ مِنْ الرَّبِّ مُؤْمِنٌ.
وَمَا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَمَّاهُ مِنْ صِفَةِ رَبِّهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا سَمَّى وَوَصَفَ الرَّبُّ تَعَالَى مِنْ نَفْسِهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الْوَاقِفُونَ حَيْثُ انْتَهَى عِلْمُهُمْ الْوَاصِفُونَ لِرَبِّهِمْ بِمَا وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ، التَّارِكُونَ لِمَا تَرَكَ مِنْ ذِكْرِهَا لَا يُنْكِرُونَ صِفَةَ مَا سَمَّى مِنْهَا جَحْدًا، وَلَا يَتَكَلَّفُونَ وَصْفَهُ بِمَا لَمْ يُسَمِّ تَعَمُّقًا لِأَنَّ الْحَقَّ تَرَكَ مَا تَرَكَ وَسَمَّى مَا سَمَّى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست