responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 414
قَوْلُهُ وَإِذَا أَبْدَى عَنْ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضِ آيَاتِهِ لَوَجَبَ أَنْ يَحْمِلَ قَوْلَهُ أَرَادَ أَنْ يُدَمِّرَ عَلَى قَوْمٍ تَجَلَّى لَهَا عَلَى جَمِيعِ آيَاتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُدَمِّرْ قَرْيَةً بِجَمِيعِ آيَاتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَهْلَكَ بِلَادًا كُلُّ بَلَدٍ بِغَيْرِ مَا أَهْلَكَ بِهِ الْآخَرُ وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا أَخْرَجَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ جَهْمٍ قَالَ فَتَأَوَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ وَكَذَبَ بِأَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَعَمَ أَنَّ مَنْ وَصَفَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا مِمَّا يَصِفُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ حَدَّثَ عَنْهُ رَسُولُهُ كَانَ كَافِرًا فَبَيَّنَ أَحْمَدُ فِي كَلَامِهِ أَنَّ مِنْ اللَّهِ مَا يُوصَفُ وَأَنَّهُ يُوصَفُ بِذَلِكَ فَذَلِكَ مَوْصُوفٌ وَالرَّبُّ مَوْصُوفٌ بِهِ وَهَذَا كَلَامٌ سَدِيدٌ، فَإِنَّ اللَّهَ فِي كَلَامِهِ وَصَفَ مَا وَصَفَ مِنْ عِلْمِهِ وَكَلَامِهِ وَخَلْقِهِ بِيَدَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي وَصَفَهَا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ صِفَاتٍ فَإِنَّ الصِّفَةَ أَصْلُهَا وَصْفَةٌ مِثْلُ جِهَةٍ أَصْلُهَا وُجْهَةٌ وَعِدَةٌ وَزِنَةٌ أَصْلُهَا وَعْدَةٌ وَوَزْنَةٌ وَهَذَا الْمِثَالُ وَهُوَ فِعْلُهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرًا كَالْعِدَّةِ وَالْوَعْدِ فَكَذَلِكَ الصِّفَةُ وَمُوصِفٌ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ، حِلْيَةٌ وَوِجْهَةٌ وَشِرْعَةٌ وَبِدْعَةٌ فَإِنَّ فِعْلًا يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِ {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] أَيْ بِمَذْبُوحٍ وَالشِّرْعَةُ الْمَشْرُوعَةُ وَالْبِدْعَةُ وَالْوَجْهُ هِيَ الْجِهَةُ الَّتِي يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا، فَكَذَلِكَ قَدْ يُقَالُ فِي لَفْظِ الصِّفَةِ إنْ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الْمَصْدَرِ أَنَّهُمَا الْمَوْصُوفَةُ.
وَعَلَى هَذَا يَنُبْنِي نِزَاعُ النَّاسِ هَلْ الْوَصْفُ وَالصِّفَةُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِمَعْنَى الْأَقْوَالِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَا فِي الْمَعَانِي تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ إذْ الْوَصْفُ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَالصِّفَةُ هِيَ الْمَفْعُولُ الَّذِي يُوصَفُ بِالْقَوْلِ وَأَكْثَرُ الصِّفَاتِيَّةِ عَلَى هَذَا الثَّانِي، وَقَوْلُهُمْ أَيْضًا يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا كُنَّا نُقْرِرْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، إذْ أَهْلُ الْعُرْفِ قَدْ يَخُصُّونَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ بِالنَّقْلِ دُونَ الْآخَرِ، لَكِنْ تَقْرِيرُ قَوْلِهِمْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا.
فَقَوْلُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: فَمَنْ وَصَفَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا مِمَّا يَصِفُ بِهِ نَفْسَهُ فَالشَّيْءُ الْمَوْصُوفُ هُوَ الصِّفَةُ كَعِلْمِهِ وَيَدَيْهِ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ الْمَوْصُوفَةُ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ أَيْ أَخْبَرَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَقَوْلُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] .
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَنْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: نَعْبُدُ مَنْ يُدَبِّرُ أَمْرَ هَذَا الْخَلْقِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست