responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 376
وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51] فَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْبَشَرِ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ؛ فَلَوْ كَانَ تَكْلِيمُهُ لَيْسَ هُوَ نَفْسُهُ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ، وَلَا هُوَ قَائِمٌ بِهِ بَلْ هُوَ بِأَنْ يَخْلُقَ كَلَامًا فِي شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ هَذِهِ الْوُجُوهِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ مَا يَقُومَ بِالْمَخْلُوقَاتِ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ، كَمَا يَسْمَعُونَ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْجَمَادَاتِ مِنْ الْإِنْطَاقِ، وَكَمَا سَمِعُوا مَا يُحْدِثُهُ فِي الْأَحْيَاءِ مِنْ الْإِنْطَاقِ، وَلِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَبَيْنَ التَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَلَوْ كَانَ كَلَامُهُ هُوَ مَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِهِ كَلَامٌ، لَمْ يَحْصُلْ الْفَرْقُ وَلِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَمْ يَسْمَعْ إلَّا مَا خُلِقَ فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ لَكَانَ هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا يَخْلُقُهُ فَيَسْمَعُهُ الْبَشَرُ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كِلَاهُمَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَلَا يَكُونُ اللَّهُ مُكَلِّمًا لِلْمَلَائِكَةِ قَطُّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
وَقَوْلُهُ: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُكَلِّمُ مِنْ شَاءَ بِلَا حِجَابٍ، كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِذَلِكَ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا ابْتَدَعَتْ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَبَقَايَا التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعُهُمْ وَصَارُوا يُظْهِرُونَ أَعْظَمَ الْمَقَالَاتِ شُبْهَةً كَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّهُمْ يُشَبِّهُونَ بِهَذَا عَلَى الْعَامَّةِ مَا لَا يُشَبِّهُونَهُ بِغَيْرِهِمْ إذْ يَقُولُ الْقَائِلُ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَلِأَنَّ نَقِيضَ هَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ مَشْهُورًا كَشُهْرَةِ أَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَرْشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ إنْكَارُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَنْكَارِ دَعْ مَا هُوَ أَظْهَرُ فَسَادًا.
قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ أَقْوَالَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا وَرَدَ عَنْهُمْ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: فَهَؤُلَاءِ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نَفْسًا وَأَكْثَرُ مِنْ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ سِوَى الصَّحَابَةِ الْخَبِيرِينَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَمُضِيِّ السِّنِينَ وَالْأَعْوَامِ وَفِيهِمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ إمَامٍ مِمَّنْ أَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِهِمْ وَتَدَيَّنُوا بِمَذَاهِبِهِمْ، قَالَ: وَلَوْ اشْتَغَلْتُ بِنَقْلِ قَوْلِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست