responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 359
الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَلَا اجْتَرَأَتْ الْجَهْمِيَّةُ إذْ ذَاكَ عَلَى دُعَاءِ النَّاسِ إلَى نَفْيِ عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ، بَلْ وَلَا أَظْهَرَتْ ذَلِكَ كَمَا اجْتَرَءُوا عَلَى دُعَاءِ النَّاسِ إلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَامْتِحَانِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَعُقُوبَةِ مَنْ لَمْ يُجِبْهُمْ بِالْحَبْسِ، وَالضَّرْبِ، وَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الرِّزْقِ، وَالْعَزْلِ عَنْ الْوِلَايَاتِ، وَمَنْعِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَتَرْكِ افْتِدَائِهِمْ مِنْ أَسْرِ الْعَدُوِّ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي إنَّمَا تَصْلُحُ لِمَنْ خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَبَدَّلُوا بِذَلِكَ الدِّينَ نَحْوَ تَبْدِيلِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ، فَأَتَى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَجَاهَدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، مُتَّبِعِينَ سَبِيلَ الصِّدِّيقِ وَإِخْوَانِهِ الَّذِينَ جَاهَدُوا الْمُرْتَدِّينَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى وَسَمَ الْمُسْلِمُونَ بِالْإِمَامَةِ وَبِأَنَّهُ الصِّدِّيقَ الثَّانِيَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهَذَا التَّحْقِيقِ عِنْدَ فُتُورِ الْوَانِي فَإِنَّ أُولَئِكَ الْجَهْمِيَّةُ جَعَلُوا الْمُؤْمِنِينَ كُفَّارًا مُرْتَدِّينَ، وَجَعَلُوا مَا هُوَ مِنْ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ لِلرَّسُولِ إيمَانًا وَعِلْمًا، وَلَبَّسُوا عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَّةِ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَكَانَتْ فِتْنَتُهُمْ فِي الدِّينِ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ فِتْنَةِ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ.
فَإِنَّ أُولَئِكَ وَإِنْ كَفَّرُوا الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتَحَلُّوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ الْجُحُودَ لِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فِي حَقِيقَةِ ذَاتِهِ، بَلْ كَانَتْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمَقَالَاتِ قَدْ نَقَلُوا أَنَّ قَوْلَ الْخَوَارِجِ فِي التَّوْحِيدِ هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ.
فَهَذَا سِرٌّ لِلْجَهْمِيَّةِ لَكِنْ يُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ قَالَهُ مِنْ بَقَايَا الْخَوَارِجِ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ حُدُوثِ مَقَالَةِ جَهْمٍ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُ جَهْمٍ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ، وَالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَلَا يَصِحُّ إضَافَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، لَا مِنْ الْخَوَارِجِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِسْلَامِ إذْ ذَاكَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ السُّلُوبِ الْجَهْمِيَّةِ، وَلَا نَقَلَ أَحَدٌ عَنْ الْخَوَارِجِ الْمَعْرُوفِينَ إذْ ذَاكَ وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الْجَهْمِيَّةِ وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ بِدَعِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، قُصُورُهُمْ فِي مُنَاظَرَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُمْ يُنَاظِرُونَهُمْ وَيُحَاجُّونَهُمْ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، لِيَنْصُرُوا الْإِسْلَامَ زَعَمُوا بِذَلِكَ، فَيَسْقُطُ عَلَيْهِمْ أُولَئِكَ لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَيُحَاجُّونَهُمْ بِمُمَانَعَاتٍ وَمُعَارَضَاتٍ؛

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست