responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 339
أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَحْظُرُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا حَظَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَمَنْ وَجَبَ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَحَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَقَدْ شَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَهُوَ مُضَاهٍ لِمَا ذَمَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ حَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ اللَّهُ بِهِ، وَحَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالْأَعْرَافِ وَبَرَاءَةِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ السُّوَرِ، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الْبِدَعِ، إحْدَاثُ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَإِلْزَامُ النَّاسِ بِهِ وَإِكْرَاهُهُمْ عَلَيْهِ، وَالْمُوَالَاةُ عَلَيْهِ وَالْمُعَادَاةُ عَلَى تَرْكِهِ، كَمَا ابْتَدَعَتْ الْخَوَارِجُ رَأْيَهَا، وَأَلْزَمَتْ النَّاسَ بِهِ وَوَالَتْ وَعَادَتْ عَلَيْهِ.
وَابْتَدَعَتْ الرَّافِضَةُ رَأْيَهَا، وَأَلْزَمَتْ النَّاسَ بِهِ، وَوَالَتْ وَعَادَتْ عَلَيْهِ وَابْتَدَعَتْ الْجَهْمِيَّةُ رَأْيَهَا وَأَلْزَمَتْ النَّاسَ بِهِ وَوَالَتْ وَعَادَتْ عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ لَهُمْ قُوَّةٌ فِي دَوْلَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، الَّذِينَ اُمْتُحِنَ فِي زَمَنِهِمْ الْأَئِمَّةُ لِتَوَافُقِهِمْ عَلَى رَأْيِ جَهْمٍ الَّذِي مَبْدَؤُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَعَاقَبُوا مَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْعِقَابَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ، وَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُ أَحَدٍ إلَّا عَلَى ذَلِكَ، وَالْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ لَيْسَ إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
فَمَنْ عَاقَبَ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَشَرَعَ ذَلِكَ دِينًا، فَقَدْ جَعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَلِرَسُولِهِ نَظِيرًا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا، أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَهُوَ مِمَّنْ قِيلَ فِيهِ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] . وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لَا يُلْزِمُونَ النَّاسَ بِمَا يَقُولُونَهُ مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ، وَلَا يُكْرِهُونَ أَحَدًا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لِمَا اسْتَشَارَ هَارُونُ الرَّشِيدُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فِي حَمْلِ النَّاسِ عَلَى مُوَطَّئِهِ، قَالَ لَهُ: لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفَرَّقُوا فِي الْأَمْصَارِ، فَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ عَمَّنْ كَانَ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا جَمَعْتُ عِلْمَ أَهْلِ بَلَدِي، أَوْ كَمَا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ، فَاعْرِضُوا قَوْلِي عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَذَا رَأْيٌ، فَمَنْ جَاءَنَا بِرَأْيٍ أَحْسَنَ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ. وَقَالَ: إذَا رَأَيْت الْحُجَّةَ مَوْضُوعَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنِّي أَقُولُ بِهَا، وَقَالَ الْمُزَنِيّ فِي أَوَّلِ مُخْتَصَرِهِ، هَذَا كِتَابٌ اخْتَصَرْته مِنْ عِلْمِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست