responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 31
وَهَذِهِ بِعَيْنِهَا حِيلَةُ أَصْحَابِ السَّبْتِ، وَفِي ذَلِكَ تَصْدِيقُ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] . وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ: فَمَنْ؟» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَأَمَّلَهُ اللَّبِيبُ عَلِمَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحِيَلَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى.

[الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ]
الْوَجْهُ الْخَامِسُ
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ. وَبِهِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعَامِلَ رَجُلًا مُعَامَلَةً يُعْطِيهِ فِيهَا أَلْفًا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى أَجَلٍ، فَأَقْرَضَهُ تِسْعَمِائَةٍ وَبَاعَهُ ثَوْبًا بِسِتِّمِائَةٍ يُسَاوِي مِائَةً، إنَّمَا نَوَى بِاقْتِرَاضِ التِّسْعمِائَةِ تَحْصِيلَ مَا رَبِحَهُ فِي الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا نَوَى بِالسِّتِّمِائَةِ الَّتِي أَظْهَرَ أَنَّهَا ثَمَنٌ أَنَّ أَكْثَرَهَا رِبْحُ التِّسْعِمِائَةِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَاهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مَقْصُودٌ فَاسِدٌ غَيْرُ صَالِحٍ، وَلَا جَائِزٍ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الدَّرَاهِمِ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا مُحَرَّمٌ فِعْلُهُ وَقَصْدُهُ، فَإِذَا كَانَ إنَّمَا بَاعَ الثَّوْبَ بِسِتِّمِائَةٍ مَثَلًا، لِأَنَّ الْخَمْسَمِائَةِ رِبْحُ التِّسْعِمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا بِدَرَاهِمَ فَهَذَا مَقْصُودٌ مُحَرَّمٌ، فَيَكُونُ مُهْدَرًا فِي الشَّرْعِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ الصَّالِحَةِ وَالْقَرْضِ، كَمَا أَنَّ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ إنَّمَا كَانَ لَهُ أُمُّ قَيْسٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْهِجْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ شَيْءٌ.
وَكَذَلِكَ الْمُحَلِّلُ إنَّمَا نَوَى أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ لِتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْوِ أَنْ يَتَّخِذَهَا زَوْجَةً فَلَا تَكُونُ لَهُ زَوْجَةً، فَلَا تَحِلُّ لَهُ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةً فَالتَّحْرِيمُ بَاقٍ، فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست