responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 279
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَالْمَنْعُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى التَّحْلِيلِ عَقْلِيٌّ، وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ بَلْ لَعَنَ فَاعِلَهُ، فَهَذَا يُبَيِّنُ فِقْهَ الْمَسْأَلَةِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْقَوْلَ بِجَوَازِ مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْمُنَاقَضَةِ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَاللُّغَةِ وَالْعُرْفِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ نَظَرٍ وَلَا أَثَرٍ أَصْلًا خِلَافُ مَا ظَنَّهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ جَوَازُهُ، وَكَانَ هَذَا اعْتِقَادُ أَنَّ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا يَرْتَبِطُ بِمُجَرَّدِ لَفْظٍ يَخْذُلُ بِهِ لِسَانُهُ، وَإِنْ قَصَدَ بِقَلْبِهِ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ بِلِسَانِهِ، وَهَذَا ظَنُّ مَنْ يَرَى النِّفَاقَ نَافِعًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَنَظِيرُ هَذَا مَا يُذْكَرُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ بَلَغَهُ أَنَّهُ مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا تَفَجَّرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَأَخْلَصَ فِي ظَنِّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا لِيَنَالَ الْحِكْمَةَ، فَلَمْ يَنَلْهَا فَشَكَا ذَلِكَ إلَى بَعْضِ حُكَمَاءِ الدِّينِ فَقَالَ إنَّك لَمْ تُخْلِصْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِنَّمَا أَخْلَصَتْ لِلْحِكْمَةِ يَعْنِي أَنَّ الْإِخْلَاصَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إرَادَةُ وَجْهِهِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ حَصَلَتْ الْحِكْمَةُ تَبَعًا، فَإِذَا كَانَتْ الْحِكْمَةُ هِيَ الْمَقْصُودَ ابْتِدَاءً لَمْ يَقَعْ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ إخْلَاصٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» فَلَوْ تَوَاضَعَ لِيَرْفَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاضِعًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْصُودُهُ الرِّفْعَةَ، وَذَلِكَ يُنَافِي التَّوَاضُعَ، وَهَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا لِيُطَلِّقَهَا كَانَ مَقْصُودُهُ هُوَ الطَّلَاقَ، فَلَمْ يَكُنْ مَا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ النِّكَاحُ مَقْصُودًا فَلَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مُطَابِقًا لِلْقَصْدِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ فِي صِيَغِ الْأَخْبَارِ وَهَذِهِ صِيَغُ إنْشَاءٍ فَإِنَّ الصِّيَغَ الدَّالَّةَ عَلَى الطَّلَبِ وَالْإِرَادَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا طَالِبًا مُرِيدًا كَانَ عَابِثًا مُسْتَهْزِئًا أَوْ مَاكِرًا خَادِعًا، وَأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اسْقِنِي مَاءً وَهُوَ لَا يَطْلُبُهُ بِقَلْبِهِ وَلَا يُرِيدُهُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ مَا طَلَبْتُ وَلَا أَرَدْتُ، كَانَ مُسْتَهْزِئًا بِهِ كَاذِبًا فِي إظْهَارِهِ خِلَافَ مَا فِي قَلْبِهِ، وَإِنْ قَصَدَ أَنْ يُجِيبَهُ لِيَضْرِبَهُ كَانَ مَاكِرًا خَادِعًا، فَكَيْفَ بِمَنْ يَقُولُ تَزَوَّجْت وَنَكَحْت وَفِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مُرِيدًا لِلنِّكَاحِ وَلَا رَاغِبًا فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرِيدٌ لِلْإِعَادَةِ إلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مُتَصَوِّرٌ بِصُورَةِ الْمُتَزَوِّجِ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَصَوِّرٌ بِصُورَةِ الْآمِرِ، وَبِصُورَةِ الْمُؤْمِنِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ إنَّ السَّبَبَ تَامٌّ، فَإِنَّهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى بَاطِلَةٍ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْقَصْدُ الْمُقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هُنَا عَقْدًا أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ صُورَةُ عَقْدٍ، أَمَّا إنْ كَانَا مُتَوَاطِئَيْنِ فَلَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست