responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 277
وَلَا فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي اللُّغَةِ لِمَنْ قَصْدُهُ رَدُّ الْمُطَلَّقَةِ إلَى زَوْجِهَا وَلَيْسَ لَهُ قَصْدٌ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، فَإِنَّ النِّكَاحَ مَقْصُودُهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالصِّلَةُ وَالْعِشْرَةُ وَالصُّحْبَةُ، بَلْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الصُّحْبَةِ، فَمَنْ لَيْسَ قَصْدُهُ أَنْ يَصْحَبَ وَلَا يَسْتَمْتِعَ وَلَا أَنْ يُوَاصِلَ وَيُعَاشِرَ بَلْ أَنْ يُفَارِقَ لِتَعُودَ إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ تَزَوَّجْت بِإِظْهَارِهِ خِلَافَ مَا فِي قَلْبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ وَكَّلْتُك أَوْ شَارَكْتُك أَوْ ضَارَبْتُك أَوْ سَاقَيْتُك، وَهُوَ يَقْصِدُ رَفْعَ هَذَا الْعَقْدِ وَفَسْخَهُ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي شَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ هَذِهِ الْعُقُودِ، فَإِنَّهُ كَاذِبٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَقَوْلِهِمْ آمَنَّا بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ إخْبَارَاتٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْعُقُودِ، وَمَبْدَأُ الْكَلَامِ وَالْحَقِيقَةُ الَّتِي بِهَا يَصِيرُ اللَّفْظُ قَوْلًا، ثُمَّ إنَّهَا إنَّمَا تَتِمُّ قَوْلًا وَكَلَامًا بِاللَّفْظِ الْمُقْتَرِنِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى، فَتَصِيرُ الصِّيَغُ إنْشَاءَاتٍ لِلْعُقُودِ، وَالتَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِيَ الَّتِي أَثْبَتَتْ الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ، وَهِيَ إخْبَارَاتٌ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِي النَّفْسِ، فَهِيَ تُشْبِهُ فِي اللَّفْظِ أَحْبَبْت وَأَبْغَضْت وَأَرَدْت وَكَرِهْت، وَهِيَ تُشْبِهُ فِي الْمَعْنَى قُمْ وَاقْعُدْ.
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ إنَّمَا تُفِيدُ الْأَحْكَامَ إذَا قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مَا جُعِلَتْ لَهُ، أَوْ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا مَا يُنَاقِضُ مَعْنَاهَا، وَهَذَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، وَإِلَّا لَمَا تَمَّ تَصَرُّفٌ.
فَإِذَا قَالَ: بِعْتُ وَتَزَوَّجْتُ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ، وَجَعَلَهُ الشَّارِعُ بِمَنْزِلَةِ الْقَاصِدِ إذَا هَزَلَ، وَبِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا يَتِمُّ الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ الْعِبْرَةُ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى اللَّفْظِ حَتَّى يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِالْإِشَارَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ الْعِبَارَةُ، وَيَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَقِيقَةَ الْعَقْدِ لَمْ يَخْتَلِفْ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ دَلَالَتُهُ وَصِفَتُهُ، وَهَذَا شَأْنُ عَامَّةِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، لَا سِيَّمَا الْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّةُ، أَعْنِي الَّتِي عَلَّقَ الشَّارِعُ بِهَا أَحْكَامًا، فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْصِدَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الشَّرْعِيَّةَ، وَالْمُسْتَمِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهَا عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي.
فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْمُسْتَمِعَ شَيْئًا وَكَانَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست