responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 262
بِلَفْظِ الْعَقْدِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ، لَا مُوجَبَ ذَلِكَ اللَّفْظِ، كَمَا قَصَدَ النَّاطِقُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مُكْرَهًا دَفْعَ الْعَذَابِ عَنْ نَفْسِهِ لَا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ، وَكَذَلِكَ الْمُخَادِعُ مِثْلُ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِ قَصَدَ بِلَفْظِ الْعَقْدِ رَفْعَ التَّحْرِيمِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا، لَا مُوجَبَ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَهُوَ كَنُطْقِ الْمُنَافِقِ بِكَلِمَةِ الْإِيمَانِ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ كَنُطْقِ الْمُكْرَهِ بِهَا فَكِلَاهُمَا لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِ حُكْمُ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ غَيْرَ مُوجَبِهِ، بَلْ إمَّا بَعْضَ تَوَابِعِ مُوجَبِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْمُكْرَهَ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ خَارِجٍ، وَالْمُخَادِعَ غَيْرُ مَعْذُورٍ إذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ نَفْسِهِ.
وَنُكْتَةُ هَذَا: أَنَّ مَقْصُودَ النِّيَّاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْعُقُودِ، كَاعْتِبَارِهَا فِي الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ، فَكُلُّ مَنْ قَصَدَ بِالْعَقْدِ غَيْرَ الْمَقْصُودِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ ذَلِكَ الْعَقْدُ بَلْ قَصَدَ بِهِ سَبَبًا آخَرَ أَرَادَ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِالْعَقْدِ إلَيْهِ، فَهُوَ مُخَادِعٌ، بِمَنْزِلَةِ الْمُرَائِي الَّذِي يَقْصِدُ بِالْعِبَادَاتِ عِصْمَةَ دَمِهِ وَمَالِهِ لَا حَقِيقَةَ الْعِبَادَةِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا مَقْصُودًا تَابِعًا لَكِنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ هَذَا الْوَجْهِ فِي الْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ لَكِنَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ لَا يَمَسُّ بِخُصُوصِهِ مَسْأَلَةَ التَّحْلِيلِ لَمْ نَذْكُرْهُ وَمَا دَلَّ عَلَيْهَا خُصُوصًا كَمَا دَلَّ عَلَى قَاعِدَةِ الْحِيَلِ عُمُومًا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ تَلَقِّيَ الْحُكْمِ مِنْ دَلِيلٍ يَقْتَضِيهِ بِعَيْنِهِ أَقْوَى مِنْ تَلَقِّيه مِنْ دَلِيلٍ عَامٍّ.

[الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]
الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ
أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ ذَلِكَ لِاشْتِمَالِ هَذَا التَّحْرِيمِ عَلَى مَصْلَحَةٍ لِعِبَادِهِ، وَحُصُولِ مُفْسِدَةٍ فِي حِلِّهَا لَهُ بِدُونِ الزَّوْجِ الثَّانِي، وَابْتِلَاءً وَامْتِحَانًا لَهُمْ لِيُمَيِّزَ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيهِ، وَقَدْ قِيلَ كَانَ الطَّلَاقُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ كُلَّمَا شَاءَ الرَّجُلُ طَلَّقَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَقَصَرَ اللَّهُ الْأَزْوَاجَ عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ لِيَكُفَّ النَّاسُ عَنْ الطَّلَاقِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَفَّ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا إذَا كَانَ زَاهِدًا فِي الْمَرْأَةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ يَزُولُ بِأَنْ يَرْغَبَ إلَى بَعْضِ الْأَرَاذِلِ فِي أَنْ يَطَأَ الْمَرْأَةَ وَيُعْطِيَ شَيْئًا عَلَى ذَلِكَ، كَانَ زَوَالُ هَذَا التَّحْرِيمِ مِنْ أَيْسَرِ الْأَشْيَاءِ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَطَأَ وَيَبْذُلَ، فَكَيْفَ إذَا أُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست