responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 237
أَصْنَافٍ، صِنْفَ التَّحْلِيلِ وَصِنْفَ الرِّبَا وَصِنْفَ الْخَمْرِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ الْبَيَانُ بِأَنْ سَيَكُونَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ يَسْتَحِلُّهَا، بِالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ، وَتَسْمِيَتِهَا بِغَيْرِ أَسْمَائِهَا فَخَصَّهَا بِاللَّعْنَةِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهَا غَيْرُ عَارِفِينَ بِأَنَّهَا مَعَاصٍ؛ وَلِأَنَّ مَعْصِيَتَهُمْ تَبْطُلُ غَالِبًا، فَلَا تَتَمَكَّنُ الْأُمَّةُ مِنْ تَغْيِيرِهَا؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ يَجْتَمِعُ فِيهَا الدَّاعِي الطَّبِيعِيُّ إلَى الْمَالِ وَالْوَطْءِ وَالشُّرْبِ، مَعَ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَرَامٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَتِهَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَيَكُونُ مَنْ يَفْعَلُهَا فَتَقَدَّمَ بِلَعْنَتِهِ زَجْرًا عَنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَنِكَاحِ الْأُمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَأَمَّلَهُ اللَّبِيبُ عَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ لَعْنَةَ مَنْ أَبْطَنَ التَّحْلِيلَ، وَإِنْ كَانَ مَنْ أَظْهَرَهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ وَبِطَرِيقِ الْعُمُومِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ التَّحْلِيلَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ بِرَغْبَةٍ مِنْ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا فَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُسِرَّ ذَلِكَ إلَى الْمُحَلِّلِ أَوْ يَشْرِطَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْقِدَ النِّكَاحَ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَالِاشْتِرَاطُ فِي الْعَقْدِ نَادِرٌ جِدًّا، لَا سِيَّمَا اللَّفْظُ الَّذِي يَعْتَبِرُهُ هَذَا السَّائِلُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك إلَى أَنْ تُحِلَّهَا أَوْ عَلَى أَنَّك إذَا وَطِئْتهَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَكُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّك إذَا وَطِئْتهَا طَلَّقْتهَا، فَإِنَّ الْعَقْدَ بِمِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ إمَّا نَادِرٌ أَوْ مَعْدُومٌ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ، وَاللَّفْظُ الْعَامُّ الشَّامِلُ لِصُوَرٍ كَثِيرَةٍ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى لَا يَجُوزُ قَصْرُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْقَلِيلَةِ دُونَ الْكَثِيرَةِ، فَإِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ الْعَيِّ وَاللَّبْسِ وَكَلَامُ الشَّارِعِ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، وَكَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» فَإِنَّ حَمْلَ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ مُمْتَنِعٌ بِلَا رَيْبٍ عِنْدَ كُلِّ ذِي لُبٍّ، وَمَنْ عَرَفَ عُقُودَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ كَانَتْ إنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمَذْكُورَةَ لِلتَّحْلِيلِ مِثْلُ قَوْلِهِ زَوَّجْتُك عَلَى أَنَّك تُطَلِّقُهَا إذَا أَحْلَلْتهَا، أَوْ عَلَى أَنَّك إذَا وَطِئْتهَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَكُمَا، لَمْ تَكُنْ تُعْقَدُ بِهَا الْعُقُودُ، عُلِمَ أَنَّ التَّحْلِيلَ الْمَلْعُونَ فَاعِلَهُ هُوَ مَا كَانَ وَاقِعًا مِنْ قَصْدِ التَّحْلِيلِ وَإِرَادَتِهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ الْمُحَلِّلَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ التَّحْلِيلِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَثْبَتَ الْحِلَّ حَقِيقَةً، فَإِنَّ هَذَا لَا يُعْلَنُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِلَّا لَلَعَنَ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّحْلِيلَ وَسَعَى فِيهِ، وَالْحُكْمُ إذَا عُلِّقَ بِاسْمٍ مُشْتَقٍّ مِنْ مَعْنَى كَانَ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ عِلَّةً فَيَكُونُ الْمُوجِبُ لِلَّعْنَةِ أَنَّهُ قَصَدَ الْحِلَّ لِلْأَوَّلِ، وَسَعَى فِيهِ، فَتَكُونُ اللَّعْنَةُ عَامَّةً لِذَلِكَ عُمُومًا مَعْنَوِيًّا، وَمِثْلُ هَذَا الْعُمُومِ لَا يَجُوزُ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست