responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 235
قَصَدَ التَّحْلِيلَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُرَادٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ أَنَّ اللَّفْظَ أَيْضًا يَشْمَلُهُ، فَإِنَّا كَمَا نَسْتَدِلُّ بِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ عَلَى إرَادَتِهِ نَسْتَدِلُّ أَيْضًا بِإِرَادَتِهِ عَلَى شُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ.
وَهَذَا هُوَ الْمَقَامُ الثَّانِي فَنَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ عَنَى بِهِ كُلَّ مُحَلِّلٍ أَظْهَرَ التَّحْلِيلَ أَوْ أَضْمَرَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَصْرُهُ عَلَى مَنْ شَرَطَ التَّحْلِيلَ وَحْدَهُ وُجُوهٌ عَشَرَةٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَدِيثَ أَدْنَى أَحْوَالِهِ أَنْ يَشْمَلَ التَّحْلِيلَ الْمَشْرُوطَ وَالْمَقْصُودَ فَإِنَّ لَفْظَ التَّحْلِيلِ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ جَعْلُ الْمَرْأَةِ حَلَالًا، أَيْ قَصْدُ أَنْ تَكُونَ حَلَالًا، وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ قَصَدَ وَلَمْ يَشْرِطْ وَلَا مُوجِبَ لِتَخْصِيصِهِ، وَسَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مُخَصِّصًا، بَلْ الْأَدِلَّةُ عَلَى عُمُومِ الْحُكْمِ تُعَضِّدُ هَذَا الْعُمُومَ.
يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِسْلَامَ إذَا تَنَاوَلَ صُوَرًا كَثِيرَةً مَوْجُودَةً وَأَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْصِبَ دَلِيلًا يُبَيِّنُ خُرُوجَ مَا لَمْ يُرِدْهُ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَدِيثِ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ الَّذِي يُظْهِرُ التَّحْلِيلَ، أَوْ الَّذِي يَشْتَرِطُ التَّحْلِيلَ أَوْ الَّذِي يَكْتُمُ التَّحْلِيلَ، وَلَمْ يَجِئْ فِي شَيْءٍ مِنْ النُّصُوصِ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ الْعَمَلُ بِهِ مُتَعَيِّنًا، وَعُلِمَ أَنَّ الشَّارِعَ قَصَدَ مَفْهُومَهُ وَمَعْنَاهُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ خَاصَّةً أَوْ التَّحْلِيلَ الَّذِي تَوَاطَئُوا عَلَيْهِ دُونَ الْمَقْصُودِ. لَلَعَنَ الزَّوْجَةَ وَالْوَلِيَّ كَمَا لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ، وَلَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، بَلْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِاللَّعْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّهَا شَارَكَتْ كُلًّا مِنْهُمَا فِيمَا يَفْعَلُهُ، فَصَارَ إثْمُهَا بِمَنْزِلَةِ إثْمِهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ يَلْعَنُ الشَّاهِدَ وَالْكَاتِبَ فَالْوَلِيُّ وَالْعَاقِدُ أَوْلَى، فَلَمَّا خَصَّ بِاللَّعْنَةِ الزَّوْجَيْنِ عُلِمَ أَنَّهُ عَنَى التَّحْلِيلَ الْمَقْصُودَ الْمَكْتُومَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا، وَهُوَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الصَّدِيقُ مَعَ صَدِيقِهِ عِنْدَ الطَّلَاقِ مِنْ تَزَوُّجِهِ بِالْمُطَلَّقَةِ لِيُحِلَّهَا لَهُ وَهُمَا قَدْ عَلِمَا ذَلِكَ، وَالْمَرْأَةُ وَأَهْلُهَا لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَعَنَ شَاهِدَيْ الرِّبَا وَكَاتِبَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَعَنَ شَاهِدَيْ الرِّبَا وَكَاتِبَهُ إذَا عَلِمُوا بِهِ وَلَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، مَعَ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ فِي النِّكَاحِ أَوْكَدُ، فَلَوْ كَانَ التَّحْلِيلُ ظَاهِرًا لَلَعَنَ الشَّاهِدَيْنِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَحْلِيلٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، وَأَنَّ الْمُحَلِّلَ لَمْ يَكُنْ يُظْهِرُ تَحْلِيلَهُ لِأَحَدٍ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست