responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 23
الَّتِي جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُحَصِّلَةً لَهَا، بَلْ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَجِعَ الْمَرْأَةَ لِيَضُرَّهَا، وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِي نِكَاحِهَا، أَوْ يَنْكِحَهَا لِيُحَلِّلَهَا، أَوْ يَخْلَعَهَا لِيَلْبَسَهَا، فَهُوَ مُسْتَهْزِئٌ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ.
وَسَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي الْأَدِلَّةِ الْخَاصَّةِ، فَإِذَا كَانَ الِاسْتِهْزَاءُ بِهَا حَرَامًا وَجَبَ إبْطَالُهُ، وَإِبْطَالُ التَّصَرُّفَاتِ عَدَمُ تَرَتُّبِ أَثَرِهَا عَلَيْهَا. فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَهْزِئُ بِهَا غَرَضُهُ إنَّمَا يَتِمُّ لِصِحَّتِهَا وَجَبَ إبْطَالُ هَذِهِ الصِّحَّةِ وَالْحُكْمُ بِبُطْلَانِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَهْزِئُ غَرَضُهُ اللَّعِبُ بِهَا دُونَ لُزُومِ حُكْمِهَا وَجَبَ إبْطَالُ لَعِبِهِ بِإِلْزَامِهِ أَحْكَامَهُ كَمَا سَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ - إيضَاحُهُ.

[الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَخْبَرَ اللَّه عَنْ أَهْل الْجَنَّة الَّذِينَ بَلَاهُمْ فِي سُورَة نُون]
الْوَجْهُ الثَّالِثُ
أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ بَلَاهُمْ بِمَا بَلَاهُمْ بِهِ فِي سُورَةِ (نُونٍ) وَهُمْ قَوْمٌ كَانَ لِلْمَسَاكِينِ حَقٌّ فِي أَمْوَالِهِمْ إذَا جَذُّوا نَهَارًا بِأَنْ يَلْتَقِطَ الْمَسَاكِينُ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الثَّمَرِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَجُذُّوا لَيْلًا لِيَسْقُطَ ذَلِكَ الْحَقُّ، وَلِئَلَّا يَأْتِيَهُمْ مِسْكِينٌ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى جَنَّتِهِمْ طَائِفًا وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ عُقُوبَةً عَلَى احْتِيَالِهِمْ لِمَنْعِ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ لِلْمَسَاكِينِ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِكُلِّ مَنْ احْتَالَ لِمَنْعِ حَقٍّ لِلَّهِ، أَوْ لِعِبَادِهِ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ شُفْعَةٍ، وَقَصْدُ هَؤُلَاءِ مَعْرُوفٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، عَلَى أَنَّ فِي التَّنْزِيلِ مَا يَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ.
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ لَمْ يَكُونُوا أَرَادُوا مَنْعَ وَاجِبٍ لَمْ يُعَاقَبُوا بِمَنْعِ التَّطَوُّعِ، فَإِنَّ الذَّمَّ وَالْعُقُوبَةَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، وَهَذِهِ خَاصَّةُ الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ الَّتِي تَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُسْتَحَبِّ وَالْمَكْرُوهِ.
ثُمَّ إنْ كَانُوا عُوقِبُوا عَلَى الِاحْتِيَالِ عَلَى تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ وَحْدَهُ، فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يُعَاقَبُ صَاحِبُهُ بِمَنْعِ الْفِعْلِ، بِأَنْ يُبْتَلَى بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْهُ أَمَّا عُقُوبَتُهُ بِإِهْلَاكِ الْمَالِ فَلَا، وَلِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: 17] . بَعْدَ أَنْ قَالَ:

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست