responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 222
وَارْتِفَاعِ اللَّوْمِ بِحَدِيثِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، وَحَدِيثِ الْحَاكِمِ.

الْمَقَامُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ هَلْ يُفِيدُ مَدْلُولُهَا لِكُلِّ مَنْ نَظَرَ فِيهَا نَظَرًا صَحِيحًا، مِنْ النَّاسِ مَنْ يُطْلِقُ ذَلِكَ فِيهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ، وَهَذَا يُوَافِقُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الظَّنِّيَّةَ لَيْسَتْ أَدِلَّةً حَقِيقَةً، وَالصَّوَابُ أَنَّ حُصُولَ الِاعْتِقَادِ بِالنَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأَدِلَّةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُقُولِ مِنْ ذَكَاءٍ وَصَفَاءٍ وَزَكَاةٍ وَعَدَمِ مَوَانِعَ.
وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَقِبَيْهَا مُرَتَّبٌ عَلَى شَيْئَيْنِ. عَلَى مَا فِيهَا مِنْ أَدِلَّةٍ، وَعَلَى مَا فِي النَّظَرِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ، وَهَذِهِ الْقُوَّةُ الْمُسْتَدِلَّةُ تَخْتَلِفُ كَمَا تَخْتَلِفُ قُوَى الْأَبْدَانِ، فَرُبَّ دَلِيلٍ إذَا نَظَرَ فِيهِ ذُو الْعَقْلِ الثَّاقِبِ أَفَادَهُ الْيَقِينَ.
وَذُو الْعَقْلِ الَّذِي دُونَهُ قَدْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْهَمَهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُفِيدَهُ يَقِينًا، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ فَإِنَّ قَضَايَاهَا يَقِينِيَّةٌ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ فِي بَنِي آدَمَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ فَهْمَ ذَلِكَ. فَعَدَمُ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ بِأَنْ يَكُونَ لِعَجْزِ الْعَقْلِ وَقُصُورِهِ فِي نَفْسِ الْخِلْقَةِ وَتَارَةً لِعَدَمِ تَمَرُّنِهِ وَاعْتِيَادِهِ لِلنَّظَرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ عَجْزَ الْبَدَنِ عَنْ الْحَمْلِ قَدْ يَكُونُ لِضَعْفِ الْخِلْقَةِ، وَقَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ الْإِدْمَانِ وَالصَّنْعَةِ، وَتَارَةً قَدْ يُمْكِنُهُ الْإِدْرَاكُ بَعْدَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ يَسْقُطُ مَعَهَا التَّكْلِيفُ، كَمَا يَسْقُطُ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ عَنْ الْمَرِيضِ، وَتَارَةً يُمْكِنُهُ بَعْدَ مَشَقَّةٍ لَا يَسْقُطُ مَعَهَا التَّكْلِيفُ، كَمَا لَا يَسْقُطُ الْجِهَادُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَتَارَةً يُمْكِنُ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنْ تَزَاحَمَتْ عَلَى الْقَلْبِ وَاجِبَاتٌ فَلَمْ يَتَفَرَّغْ لِهَذَا أَوْ قَصُرَ زَمَانُهُ عَنْ النَّظَرِ فِي هَذَا، وَتَارَةً يَكُونُ حُصُولُ مَا يُضَادُّ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ فِي الْقَلْبِ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ، وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ نَظِيرًا لَكِنَّهُ غَامِضٌ، وَقَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا لَكِنْ لَيْسَ بِقَاطِعٍ، وَفِي هَذَا الْمَقَامِ يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِالْفَهْمِ، فَقَدْ يَتَفَطَّنُ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ لِدَلَالَةٍ لَوْ لَحَظَهَا الْآخَرُ لَأَفَادَتْهُ الْيَقِينَ، لَكِنَّهَا لَمْ تَخْطِرْ بِبَالِهِ، فَإِذًا عَدَمُ وُصُولِ الْعِلْمِ بِالْحَقِيقَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِ تَارَةً يَكُونُ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْبَلَاغِ، وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْفَهْمِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ قَدْ يَكُونُ لِعَجْزٍ وَقَدْ يَكُونُ لِمَشَقَّةٍ.
فَيَفُوتُ شَرْطُ الْإِدْرَاكِ، وَقَدْ يَكُونُ لِشَاغِلٍ أَوْ مَانِعٍ فَيُنَافِي الْإِدْرَاكَ، وَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبَيْنِ سَبَبٍ مُنْفَصِلٍ وَهُوَ الدَّلِيلُ وَسَبَبٍ مُتَّصِلٍ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالدَّلِيلِ، وَالْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا يَفْهَمُ الدَّلِيلَ، وَالنَّظَرُ الْمُوَصِّلُ إلَى الْفَهْمِ، ثُمَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدْ تَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي أَقَلَّ مِنْ لَحْظِ الطَّرْفِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست