responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 204
الْعِبَادِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّحْرِيمُ الَّذِي هُوَ حُكْمُ اللَّهِ، وَالْحُرْمَةُ الَّتِي هِيَ صِفَةُ الْفِعْلِ سَوَاءٌ جُعِلَتْ إضَافَةً أَوْ عَيْنِيَّةً، وَالْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ عِلْمُ اللَّهِ.
وَالْمُقْتَضِي لِلْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ مَعْلُومُ اللَّهِ حَتَّى يُضِيفَ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ اللَّهِ إلَى عِلْمِهِ وَيُضِيفَ الْمَحْكُومَ بِهِ الَّذِي يُسَمَّى حُكْمًا أَيْضًا وَهُوَ صِفَةُ الْفِعْلِ إلَى مَعْلُومِهِ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُكَلَّفُ بِالتَّحْرِيمِ، فَظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَذَوِي الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا، وَالْمِثْلُ هَذَا الْكَلَامُ بِعَيْنِهِ إلَى مَسْأَلَةِ اخْتِلَاطِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَالْمَيْتَةِ بِالْمُذَكَّى، وَكُلُّ مَوْضِعٍ اشْتَبَهَ فِيهِ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ اجْتِنَابُهُمَا جَمِيعًا.

وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ اشْتِبَاهِ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ كَمَنْ نَسِيَ إحْدَى صَلَاتَيْنِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا. فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ يُطْلِقُونَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعَيْنَانِ. وَتَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاتَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْمُحَرَّمُ أَحَدُهُمَا وَإِنْ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمَا وَالْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فِعْلُهُمَا، ثُمَّ مِنْ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ يُنْكِرُ هَذَا الْقَوْلَ وَيَقُولُ انْتِفَاءُ التَّحْرِيمِ مَلْزُومُ انْتِفَاءِ الْحَرَجِ وَالْحَرَجُ هُنَا حَاصِلٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَيْفَ يَكُونُ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ مُنْتَفِيَانِ؟ وَهَذَا الْإِنْكَارُ مُسْتَقِيمٌ مِمَّنْ يُنْكِرُ الْوُجُوبَ وَالتَّحْرِيمَ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ النَّافِيَةُ لِلْحُكْمِ الْبَاطِنِ الْجَاعِلَةُ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّ كُلِّ مُجْتَهِدٍ مَا اقْتَضَاهُ اجْتِهَادُهُ وَأَنَّهُ يَتْبَعُ الِاعْتِقَادَ وَيَكُونُ مِنْ مُوجِبَاتِهِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ، وَهَذَا أَصْلٌ فَاسِدٌ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ الْفَاضِلَةُ وَتَابِعُوهُمْ، وَأَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ الْبَاطِنَيْنِ فَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْحَرَامُ أَحَدُهُمَا وَالْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا يَعْنِي بِهِ الْحَرَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا وَالْوَاجِبَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا.
كَمَا إذَا اشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَإِنَّ النَّجِسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا وَكَمَا أَنَّ الْمَيِّتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا وَالْأُخْتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ إنَّمَا حَرُمَ ظَاهِرًا فَقَطْ، نَعَمْ يُبَالِغُ هَذَا الْقَائِلُ فَيَقُولُ لَا أَصِفُ الْمُشْتَبِهَةَ بِتَحْرِيمٍ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ أَوْجَبْتُ الْإِمْسَاكَ عَنْهَا كَمَا لَا أَصِفُهَا بِنَجَاسَةٍ وَلَا بُنُوَّةٍ وَلَا مَوْتٍ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست