responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 202
فِيهَا إذَا كَانَتْ مُخَصَّصَةً بِنَصٍّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى مَانِعٍ مَعْنَوِيٍّ فَإِنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ جَازَ أَنْ تَكُونَ مُشْتَمِلَةً عَلَى ذَلِكَ الْمَانِعِ وَجَازَ أَنْ تَكُونَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْمُقْتَضِي مَعْلُومٌ وَاشْتِمَالُهَا عَلَى الْمَانِعِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ الَّذِي يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ هُوَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ مُصَادَمَةُ الْمَانِعِ لَهُ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا، وَهَذَا الْمَقَامَ أَيْضًا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ جَوَازُ التَّمَسُّكِ بِالظَّوَاهِرِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَمَّا يُعَارِضُهَا، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا - وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَكَلَامُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ - أَنَّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْجَزْمُ بِمُقْتَضًى يَكُونُ جَوَازُ تَخَلُّفِهِ عَنْ مُقْتَضِيهِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ فِي الْقَلْبِ سَوَاءً، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْقَوَاعِدِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ لِيَظْهَرَ الْمَأْخَذُ فِي قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَكُونُ الشَّيْءُ حَرَامًا فِي الْبَاطِنِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ لِلْعُذْرِ فَإِنَّ التَّخَلُّفَ هُنَا لِفَوَاتِ شَرْطٍ وَلَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْفِعْلِ مُقْتَضِيًا لِلْعِقَابِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ عُقُولِ الْفُقَهَاءِ بَلْ أَكْثَرُ عُقُولِ النَّاسِ بَلْ عَامَّةُ الْعُقُولِ الَّتِي لَمْ يُكَدِّرْ صَفَاهَا رَهَجُ الْجَدَلِ وَيَرَى صِحَّةَ كَوْنِ الشَّيْءِ بِصِفَةِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَعُوقًا عَنْ عَمَلِهِ صَارُوا فِي عَامَّةِ مَا يَفْعَلُونَهُ وَيَقُولُونَهُ يَنْتَهِجُونَ مَنَاهِجَ الْقَائِلِينَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ لِمَانِعٍ إذْ هَذَا ثَابِتٌ فِي كُلِّ مَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ الْآدَمِيُّونَ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَكُونُونَ مِمَّنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ إذَا جَرَّدُوا الْأُصُولَ، فَلِهَذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ مَنْ يَقْبَلُ عَقْلُهُ كَوْنَ الشَّيْءِ حَرَامًا فِي الْبَاطِنِ لَكِنَّ انْتِفَاءَ حُكْمِ التَّحْرِيمِ فِي حَقِّ هَذَا الْمُعَيَّنِ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْعِقَابِ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ فِيهِ.
وَهَذَا قَوِيٌّ إذَا قِيلَ: إنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ قَدْ تَكُونُ لِمَعَانٍ فِي الْأَفْعَالِ تُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَيَقْتَضِيهِ، وَإِنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَلَامَاتٍ وَإِمَارَاتٍ كَمَا قَدْ يُجِيبُ بِهِ فِي الْمَضَايِقِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَنْصُرُ السُّنَّةَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْأَحْكَامَ إلَى مَحْضِ الْمَشِيئَةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعَ السَّابِقِينَ عَلَى تَوْجِيهِ الْأَحْكَامَ بِالْأَوْصَافِ الْمُنَاسِبَةِ وَالنُّعُوتِ الْمُلَائِمَةِ. بَلْ دَخَلَ مَعَ الْأَئِمَّةِ فِيمَا يَشْهَدُهُ بِنَظَائِرِهَا مِنْ الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ الْمَنْظُومَةِ فِي الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا هَذِهِ الشَّرِيعَةُ الْحَنِيفِيَّةُ الَّتِي قَدْ أَرْبَى نُورُهَا عَلَى الشَّمْسِ إضَاءَةً وَإِشْرَاقًا وَعَلَى إحْكَامِهَا عَلَى الْفُلْكِ انْتِظَامًا وَاتِّسَاقًا ثُمَّ نَازَعَ بَعْدَ هَذَا فِي أَنَّ الْأَسْبَابَ وَالْعِلَلَ فِيهَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست