responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 172
وَمِمَّا يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبُ أَنَّ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إلَى الْقِيَاسِ وَاسْتِنْبَاطِ مَعَانِي الْأَحْكَامِ وَالْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ الْحِيَلِ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ رِعَايَةِ مَقْصُودِ الشَّارِعِ وَعَنْ مَعْرِفَةِ الْعِلَلِ وَالْمَعَانِي وَعَنْ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ، فَإِنَّك تَجِدْهُمْ يَقْطَعُونَ عَنْ الْإِلْحَاقِ بِالْأَصْلِ مَا يُعْلَمُ بِالْقَطْعِ أَنَّ مَعْنَى الْأَصْلِ مَوْجُودٌ فِيهِ، وَيُهْدِرُونَ اعْتِبَارَ تِلْكَ الْمَعَانِي، ثُمَّ يَرْبِطُونَ الْأَحْكَامَ بِمَعَانِي لَمْ يُومِئْ إلَيْهَا شَرْعٌ وَلَمْ يَسْتَحْسِنْهَا عَقْلٌ. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] وَإِنَّمَا سَبَبُ نِسْبَةِ بَعْضِ النَّاسِ لَهُمْ إلَى الْفِقْهِ وَالْقِيَاسِ مَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ الْفِقْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ مَحْضٌ صَدَرَ عَنْ فِطْنَةٍ وَذَكَاءٍ كَفِطْنَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي تَحْصِيلِ أَغْرَاضِهِمْ فَتَسَمَّوْا بِأَشْرَفِ صِفَاتِهِمْ وَهُوَ الْفَهْمُ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ فَهْمِ طُرُقِ الْخَيْرِ وَفَهْمِ طُرُقِ الشَّرِّ إذْ أَحْسَنُ مَا فِيهِمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهْمُهُمْ لِطُرُقِ تِلْكَ الْأَغْرَاضِ وَالتَّوَصُّلُ إلَيْهَا بِالرَّأْيِ.
فَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَبِأَمْرِهِ فَعِلْمُهُمْ مُتَلَقًّى عَنْ النُّبُوَّةِ إمَّا نَصًّا أَوْ اسْتِنْبَاطًا فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يُضِيفُوهُ إلَى أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا لَهُمْ فِيهِ الِاتِّبَاعُ فَمَنْ فَهِمَ حِكْمَةَ الشَّارِعِ مِنْهُمْ كَانَ هُوَ الْفَقِيهُ حَقًّا وَمَنْ اكْتَفَى بِالِاتِّبَاعِ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ عِلْمَ مَا لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْفِقْهُ الْحَقِيقِيُّ وَالرَّأْيُ السَّدِيدُ وَالْقِيَاسُ الْمُسْتَقِيمُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[الْوَجْه الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ أَنْ اللَّه وَرَسُوله سَدّ الذَّرَائِع الْمُفْضِيَة إلَى الْمَحَارِم]
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَرَسُولَهُ سَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَى الْمَحَارِمِ بِأَنْ حَرَّمَهَا وَنَهَى عَنْهَا.
وَالذَّرِيعَةُ مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ، لَكِنْ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةً عَمَّا أَفَضْت إلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْ ذَلِكَ الْإِفْضَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَفْسَدَةٌ، وَلِهَذَا قِيلَ الذَّرِيعَةُ الْفِعْلُ الَّذِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَهُوَ وَسِيلَةٌ إلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمِ، أَمَّا إذَا أَفْضَتْ إلَى فَسَادٍ لَيْسَ هُوَ فِعْلًا كَإِفْضَاءِ شُرْبِ الْخَمْرِ إلَى السُّكْرِ وَإِفْضَاءِ الزِّنَا إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ أَوْ كَانَ الشَّيْءُ نَفْسُهُ فَسَادًا كَالْقَتْلِ وَالظُّلْمِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست