responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 67
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ: إنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ، وَرَوَوْا فِي بَعْضِ الْأَدْعِيَةِ: " يَا دَهْرُ يَا دَيْهُورُ يَا دَيْهَارُ ".
وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الْآخِرُ لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، إنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ يُسَمَّى دَهْرًا.
بِكُلِّ حَالٍ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُوَ مِمَّا عُلِمَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ، أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ هُوَ الدَّهْرَ الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ، أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى الزَّمَانِ، فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ عَلَى الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَكَذَلِكَ مَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 62] .
قَالُوا: عَلَى مِقْدَارِ الْبُكْرَةِ وَالْعَشِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ، وَالْجَنَّةُ لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلَا زَمْهَرِيرٌ، وَلَكِنْ تُعْرَفُ الْأَوْقَاتُ بِأَنْوَارٍ أُخَرَ، قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ تَظْهَرُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَالزَّمَانُ هُنَالِكَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ الَّتِي بِهَا تَظْهَرُ بِهَا تِلْكَ الْأَنْوَارُ.
وَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ سَيَّالٌ هُوَ الدَّهْرُ؟ هَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ، فَأَثْبَتَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَفْلَاطُونَ، كَمَا أَثْبَتُوا الْكُلِّيَّاتِ الْمُجَرَّدَةَ فِي الْخَارِجِ الَّتِي تُسَمَّى الْمُثُلَ الْأَفْلَاطُونِيَّة وَالْمُثُلَ الْمُطْلَقَةَ، وَأَثْبَتُوا الْهَيْوُلَى الَّتِي هِيَ مَادَّةٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الصُّوَرِ، وَأَثْبَتُوا الْخَلَاءَ جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا جَمَاهِيرُ الْعُقَلَاءِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا هِيَ أُمُورٌ يُقَدِّرُهَا الذِّهْنُ وَيَفْرِضُهَا؛ فَيَظُنُّ الْغَالِطُونَ أَنَّ هَذَا الثَّابِتَ فِي الْأَذْهَانِ، هُوَ بِعَيْنِهِ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَذْهَانِ، كَمَا ظَنُّوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ، مَعَ أَنَّ الْمُطْلَقَ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ وُجُودُهُ فِي الذِّهْنِ، وَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ إلَّا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَهِيَ الْأَعْيَانُ وَمَا يَقُومُ بِهَا مِنْ الصِّفَاتِ، فَلَا مَكَانَ إلَّا الْجِسْمَ أَوْ مَا يَقُومُ بِهِ، وَلَا زَمَانَ إلَّا مِقْدَارَ الْحَرَكَةِ، وَلَا مَادَّةَ مُجَرَّدَةً عَنْ الصُّوَرِ، بَلْ وَلَا مَادَّةَ مُقْتَرِنَةً بِهَا غَيْرُ الْجِسْمِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْأَعْرَاضُ، وَلَا صُورَةَ إلَّا مَا هُوَ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْجِسْمِ، أَوْ مَا هُوَ جِسْمٌ يَقُومُ بِهِ الْعَرَضُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست