responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 363
نَفَعَ الْمَيِّتَ لَفَعَلَهُ السَّلَفُ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ كَالْقِرَاءَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ الْمَيِّتَ يُؤْجَرُ عَلَى اسْتِمَاعِهِ لِلْقُرْآنِ.
وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِهِ دُونَ مَا إذَا بَعُدَ فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، وَالْقِرَاءَةَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدْعَةٌ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمُحْتَضَرِ فَإِنَّهَا تُسْتَحَبُّ بِيَاسِينَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي غَرْسِ الْجَرِيدَتَيْنِ نِصْفَيْنِ عَلَى الْقَبْرَيْنِ: إنَّ الشَّجَرَ وَالنَّبَاتَ يُسَبِّحُ مَا دَامَ أَخْضَرَ فَإِذَا يَبِسَ انْقَطَعَ تَسْبِيحُهُ، وَالتَّسْبِيحُ وَالْعِبَادَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ مِمَّا تُوجِبُ تَخْفِيفَ الْعَذَابِ كَمَا يُخَفَّفُ الْعَذَابُ عَنْ الْمَيِّتِ بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ الْمَعْرُوفَةُ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْيَابِسِ مِنْ النَّبَاتِ مَا قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْجَامِدَاتِ مِثْلُ حُنَيْنِ الْجِذْعِ الْيَابِسِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَسْلِيمِ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ عَلَيْهِ وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.
وَهُوَ التَّسْبِيحُ تَسْبِيحٌ مَسْمُوعٌ لَا بِالْحَالِ، كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النُّظَّارِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَوْقَافُ عَلَى التُّرَبِ فَفِيهَا مِنْ الْمَصْلَحَةِ بَقَاءُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ وَكَوْنُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ مَعُونَةً عَلَى ذَلِكَ وَحَاضَّةً عَلَيْهِ إذْ قَدْ يُدْرَسُ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ بِسَبَبِ عَدَمِ الْأَسْبَابِ الْحَامِلَةِ عَلَيْهِ وَفِيهَا مَفَاسِدُ أُخَرُ مِنْ حُصُولِ الْقِرَاءَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالتَّأَكُّلِ بِالْقُرْآنِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَاشْتِغَالِ النُّفُوسِ بِذَلِكَ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْمَشْرُوعَةِ فَمَتَى أَمْكَنَ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ بِدُونِ ذَلِكَ الْفَسَادِ جَازَ وَالْوَجْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ وَإِبْطَالِهِ وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَ مَفْسَدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَدْفَعْ أَدْنَى الْفَسَادَيْنِ بِاحْتِمَالٍ لِأَعْلَاهُمَا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ السَّلَفِ إذَا صَلَّوْا تَطَوُّعًا أَوْ صَامُوا تَطَوُّعًا أَوْ حَجُّوا تَطَوُّعًا أَوْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ يُهْدُونَ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَى أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ طَرِيقِ السَّلَفِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِجَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْقِرَاءَةِ كَمَا يَنْتَفِعُ بِالْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَمَا لَوْ دَعَا لَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمَيِّتِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ خَتْمَةٍ وَجَمْعِ النَّاسِ وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُصْرَفَ مَالٌ فِي هَذِهِ الْخَتْمَةِ وَقَصْدُهُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ صُرِفَ إلَى مَحَاوِيجَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَخَتْمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ جَمْعِ النَّاسِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْقُرْبُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ هَذَا الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست