responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 289
إذَا نَذَرَهُ حَتَّى نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَافَرُ إلَى مَسْجِدِ قُبَاءَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الثَّلَاثَةِ، مَعَ أَنَّ مَسْجِدَ قُبَاءَ تُسْتَحَبُّ زِيَارَتُهُ لِمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَدِّ رَحْلٍ كَمَا فِي الصَّحِيحِ «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ لَا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ كَانَ كَعُمْرَةٍ» .
قَالُوا: وَلِأَنَّ السَّفَرَ إلَى زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ، وَلَا أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، لِمَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ عِبَادَةً وَفَعَلَهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَلِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ. وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ فِي إبَانَتِهِ الصُّغْرَى مِنْ الْبِدَعِ الْمُخَالَفَةِ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ حُجَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ «زِيَارَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَسْجِدِ قُبَاءَ لَمْ تَكُنْ بِشَدِّ الرَّحْلِ» ، وَهُوَ يُسَلَّمُ لَهُمْ أَنَّ السَّفَرَ إلَيْهِ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ. وَقَوْلُهُ إنَّ قَوْلَهُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ» مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ يُجَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا تَسْلِيمٌ مِنْهُ أَنَّ هَذَا السَّفَرَ لَيْسَ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَلَا قُرْبَةٍ وَلَا طَاعَةٍ وَلَا هُوَ مِنْ الْحَسَنَاتِ.
وَمَنْ اعْتَقَدَ فِي السَّفَرِ لِزِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَعِبَادَةٌ وَطَاعَةٌ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، وَإِذَا سَافَرَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ طَاعَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَصَارَ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ اتِّخَاذِهِ قُرْبَةً. وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَدًا لَا يُسَافِرُ إلَيْهَا إلَّا لِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّ شَدَّ الرَّحْلَ إلَيْهَا لِغَرَضٍ مُبَاحٍ فَهَذَا جَائِزٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ النَّفْيَ يَقْتَضِي النَّهْيَ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، بَلْ هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَنِ الْمُعْتَمَدَةِ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَمْ يَحْتَجَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، بَلْ مَالِكٌ إمَامُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: زُرْت قَبْرَ النَّبِيِّ، وَلَوْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ أَوْ مَشْرُوعًا أَوْ مَأْثُورًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكْرَهْهُ عَالِمُ الْمَدِينَةِ.
الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْلَمُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ بِالسُّنَّةِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إلَّا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا مِنْ رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ: رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست