responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 139
وَإِنَّمَا الشَّارِعُ دَلَّ النَّاسَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، بِقَوْلِهِ فِي عُقُودٍ هَذَا لَا يَصْلُحُ فَيُقَالُ الصَّلَاحُ الْمُضَادُّ لِلْفَسَادِ، فَإِذَا قَالَ لَا يَصْلُحُ عُلِمَ أَنَّهُ فَاسِدٌ، كَمَا قَالَ فِي بَيْعِ مُدَّيْنِ بِمُدٍّ تَمْرًا لَا يَصْلُحُ.
وَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَسَائِرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَى فَسَادِ الْعُقُودِ بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ، كَمَا احْتَجُّوا عَلَى فَسَادِ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِالنَّهْيِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ عَلَى فَسَادِ عَقْدِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا تَعَارَضَ فِيهَا نَصَّانِ فَتَوَقَّفَ، وَقِيلَ: إنَّ بَعْضَهُمْ أَبَاحَ الْجَمْعَ، وَكَذَا نِكَاحُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا اسْتَدَلُّوا عَلَى فَسَادٍ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] .
وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ اسْتَدَلُّوا عَلَى فَسَادِ نِكَاحِ الشِّغَارِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ عُقُودُ الرِّبَا وَغَيْرِهَا.
وَأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ الْفَسَادِ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاحِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَيُحِبُّ الصَّلَاحَ، فَلَا يَنْهَى عَمَّا يُحِبُّهُ وَإِنَّمَا يَنْهَى عَمَّا لَا يُحِبُّهُ، فَعَلِمُوا أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فَاسِدٌ لَيْسَ بِصَلَاحٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَمَصْلَحَةٌ مَرْجُوحَةٌ بِمَفْسَدَتِهِ.
وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَقْصُودَ الشَّرْعِ رَفْعُ الْفَسَادِ وَمَنْعُهُ لَا إيقَاعُهُ وَالْإِلْزَامُ بِهِ، فَلَوْ أَلْزَمُوا بِمُوجِبِ الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ لَكَانُوا مُفْسِدِينَ غَيْرَ مُصْلِحِينَ وَاَللَّهُ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ} [البقرة: 11] .
أَيْ لَا تَعْمَلُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَهُوَ مُفْسِدٌ وَالْمُحَرَّمَاتُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ فَالشَّارِعُ يَنْهَى عَنْهَا لِيَمْنَعَ الْفَسَادَ وَيَدْفَعَهُ.
وَلَا يُوجَدُ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ صُوَرِ النَّهْيِ صُورَةٌ ثَبَتَتْ فِيهَا الصِّحَّةُ بِنَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، فَالطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ، وَالصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فِيهَا نِزَاعٌ، وَلَيْسَ عَلَى الصِّحَّةِ نَصٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ الْمُحْتَجِّ بِهِمَا حُجَّةٌ.
لَكِنْ مِنْ الْبُيُوعِ مَا نُهِيَ عَنْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ ظُلْمِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ: كَبَيْعِ الْمُصَرَّاةِ، وَالْمَعِيبِ، وَتَلَقِّي السِّلَعِ، وَالنَّجْشِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْبُيُوعَ لَمْ يَجْعَلْهَا الشَّارِعُ لَازِمَةً كَالْبُيُوعِ الْحَلَالِ، بَلْ جَعَلَهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ وَالْخِيرَةُ فِيهَا إلَى الْمَظْلُومِ إنْ شَاءَ أَبْطَلَهَا وَإِنْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 5  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست