responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 465
وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَطْلُبُ فِيهَا ذِكْرَهُ لِرَبِّهِ وَتَوَجُّهَهُ إلَيْهِ، تَعْرِضُ لَهُ تَمَاثِيلُهَا وَذِكْرُ الشَّاةِ وَالرُّخِّ وَالْفِرْزَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَصَدُّهَا لِلْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ صَدِّ الْخَمْرِ؛ وَهِيَ إلَى الشِّرْكِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلَاعِبِهَا: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] ، وَقَلَبَ الرُّقْعَةَ. وَكَذَلِكَ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ بِسَبَبِ غَلَبَةِ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ لِلْآخَرِ، وَمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ التَّظَالُمِ وَالتَّكَاذُبِ وَالْخِيَانَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَمَا يَكَادُ لَاعِبُهَا يَسْلَمُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْفِعْلُ إذَا اشْتَمَلَ كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَتْ الطِّبَاعُ تَقْتَضِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، جَرَّمَهُ الشَّارِعُ قَطْعًا، فَكَيْفَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا. وَهَذَا أَصْلٌ مُسْتَمِرٌّ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي قَاعِدَةِ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَبَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ أَفْضَى إلَى الْمُحَرَّمِ كَثِيرًا كَانَ سَبَبًا لِلشَّرِّ وَالْفَسَادِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَكَانَتْ مَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةً، نُهِيَ عَنْهُ، بَلْ كُلُّ سَبَبٍ يُفْضِي إلَى الْفَسَادِ نُهِيَ عَنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، فَكَيْفَ بِمَا كَثُرَ إفْضَاؤُهُ إلَى الْفَسَادِ، وَلِهَذَا نُهِيَ عَنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ لَهَا كَانَتْ الْحَاجَةُ تَدْعُو إلَى بَعْضِهِ وَخُصَّ مِنْهُ فِيمَا تَدْعُو لَهُ الْحَاجَةُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ سَبَبُ الْإِبَاحَةِ، كَمَا أَنَّ الْفَسَادَ وَالضَّرَرَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا رَجَحَ أَعْلَاهُمَا، كَمَا رَجَحَ عِنْدَ الضَّرَرِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْمَوْتِ شَرٌّ مِنْ مَفْسَدَةِ الِاغْتِذَاءِ بِالْخَبِيثِ. وَالنَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْمُغَالَبَاتِ فِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا لَا يُحْصَى، وَلَيْسَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ، فَضْلًا عَنْ مَصْلَحَةِ مُقَاوَمَةٍ غَايَتُهُ أَنْ يُلْهِيَ وَيُرِيحَهَا عَمَّا يَقْصِدُ شَارِبُ الْخَمْرِ ذَلِكَ.
وَفِي إرَاحَةِ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ الَّذِي لَا يَصُدُّ عَنْ الْمَصَالِحِ، وَلَا يَجْتَلِبُ الْمَقَاصِدَ غُنْيَةً، وَالْمُؤْمِنُ قَدْ أَغْنَاهُ اللَّهُ بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ، وَبِفَضْلِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3] .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست