responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 403
[مَسْأَلَةٌ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلَّقَ الزَّوْجَةَ لِيَمْنَعَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ]
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ، وَكَتَبَ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحِينَ قَوِيَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ فَقَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلَّقَ الزَّوْجَةَ؛ لِيَمْنَعَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ: فَهَلْ يَقَعُ هَذَا الطَّلَاقُ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ لَهَا فِي تَرِكَتِهِ؟
فَأَجَابَ: هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا، وَمَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا؛ وَرِثَتْهُ أَيْضًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَبِهِ قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ زَوْجَتَهُ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَشَاوَرَ عُثْمَانُ الصَّحَابَةَ فَأَشَارُوا عَلَى أَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخِلَافُ فِي خِلَافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُوَرِّثْهَا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ.
وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ: كَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَمَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَأَمْثَالِهِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ. وَفِي الْجَدِيدِ وَافَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ بِحَيْثُ لَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يَرِثْهَا هُوَ بِالِاتِّفَاقِ، فَكَذَلِكَ لَا تَرِثُهُ هِيَ، وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ.
فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، فَتَكُونُ أَجْنَبِيَّةً، فَلَا تَرِثُ.
وَالْجُمْهُورُ قَالُوا: إنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ قَدْ تَعَلَّقَ الْوَرَثَةُ بِمَالِهِ مِنْ حِينِ الْمَرَضِ؛ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ إلَّا مَا يَتَصَرَّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ مِيرَاثَهُ، وَيَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِالْإِرْثِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأَجْنَبِيٍّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؛ كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ» .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست