responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 301
وَكَثِيرًا مَا قَدْ يَغْلَطُ بَعْضُ الْمُتَطَرِّفِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ شَرْطِ وَاقِفٍ، أَوْ يَمِينِ حَالِفٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَيَرَى أَوَّلَ الْكَلَامِ مُطْلَقًا أَوْ عَامًّا، وَقَدْ قُيِّدَ فِي آخِرِهِ. فَتَارَةً يَجْعَلُ هَذَا مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الدَّلِيلَيْنِ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِمَا بِالْأَحْكَامِ الْمَعْرُوفَةِ لِلدَّلَائِلِ الْمُتَعَارِضَةِ مِنْ التَّكَافُؤِ وَالتَّرْجِيحِ، وَتَارَةً يَرَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُتَنَاقِضٌ؛ لِاخْتِلَافِ آخِرِهِ، وَأَوَّلِهِ، وَتَارَةً يَتَلَدَّدُ تَلَدُّدَ الْمُتَحَيِّرِ، وَيَنْسِبُ الشَّاطِرَ إلَى فِعْلِ الْمُقَصِّرِ. وَرُبَّمَا قَالَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ. وَكُلُّ هَذَا مُنْشَؤُهُ مِنْ عَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ وَالْكَلَامِ الْمُنْفَصِلِ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ أَوَّلِ كَلَامِهِ حَتَّى يَسْكُتَ سُكُوتًا قَاطِعًا، وَإِنَّ الْكَاتِبَ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ كِتَابِهِ حَتَّى يَفْرَغَ فَرَاغًا قَاطِعًا: زَالَتْ عَنْهُ كُلُّ شُبْهَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعُلِمَ صِحَّةُ مَا تَقُولُهُ الْعُلَمَاءُ فِي دَلَالَاتِ الْخِطَابِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ التَّقْصِيرِ نِسْبَةُ الْغَلَطِ إلَى الْمُتَكَلِّمِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِ كَلَامِهِ، وَجَرَيَانِهِ عَلَى أَحْسَنِ أَسَالِيبِ كَلَامِ النَّاسِ، ثُمَّ يُعْتَبَرُ أَحَدُ الْمَوْضِعَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ بِالْغَلَطِ دُونَ الْآخَرِ، فَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. غَلِطَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: " ثُمَّ " هُوَ الْغَلَطُ؛ فَإِنَّ الْغَلَطَ فِي تَبْدِيلِ حَرْفٍ بِحَرْفٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَاتِبِ أَوْلَى مِنْ الْغَلَطِ بِذِكْرِ عِدَّةِ كَلِمَاتٍ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ، وَلَا نَسْلٍ، وَلَا عَقِبٍ، مُشْتَمِلٌ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ كَلِمَاتٍ.
ثُمَّ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا تَوْكِيدٌ؛ وَالْمُؤَكِّدُ إنَّمَا يُزِيحُ الشُّبْهَةَ؛ فَكَانَ قَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ. أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدًا، وَقُصِدَ التَّوْكِيدُ؛ فَإِنَّ نَقْلَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى إخْوَتِهِ مَعَ وَلَدِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى نَقْلِهِ إلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِهِمْ. إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيدُ بِبَيَانِ الْحُكْمِ الْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ فَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ حُدُودِ الْعَقْلِ وَالْكَلَامِ. ثُمَّ التَّوْكِيدُ لَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمُقَيِّدَةِ لِلْمَوْصُوفِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ الرِّجَالَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ: أَرَدْت إكْرَامَ جَمِيعِ الرِّجَالِ، وَخَصَصْت الْمُسْلِمِينَ بِالذِّكْرِ تَوْكِيدًا، وَذِكْرُهُمْ لَا يَنْفِي غَيْرَهُمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِي الِاسْمِ الْأَوَّلِ: لَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ سَاقِطًا غَيْرَ مَقْبُولٍ أَصْلًا؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ صِفَةُ الرِّجَالِ
؛
وَالصِّفَةُ تُخَصِّصُ الْمَوْصُوفَ. فَلَا يَبْقَى فِيهِ عُمُومٌ؛ لَكِنْ لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ الرِّجَالَ وَالْمُسْلِمِينَ - بِحَرْفِ الْعَطْفِ، مَعَ اتِّفَاقِ الْحُكْمِ فِي الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ بَعْضَهُ - لَكَانَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست