responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 295
السَّمْعِيَّةِ، وَلَمْ يَتَدَرَّبْ فِيمَا عُلِّقَ بِأَقْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا هُوَ جَرَى فِي فَهْمِ هَذَا الْخِطَابِ عَلَى الطَّبِيعَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ النَّقِيَّةِ، فَارْتَفَعَ عَنْ شَأْنِ الْعَامَّةِ بِحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ زُمْرَتَهُمْ فِيمَا يَفْهَمُونَهُ فِي عُرْفِ خِطَابِهِمْ، وَانْحَطَّ عَنْ أَوْجِ الْخَاصَّةِ، فَلَمْ يَهْتَدِ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُشْتَبِهَاتِ فِي الْكَلَامِ، حَتَّى تُقِرَّ الْفِطَرُ عَلَى مَا فَطَرَهَا عَلَيْهِ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ؛ وَالْحُمْقُ أَدَّى بِهِ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ كُنَاسَةٍ بَتْرًا، وَمِنْ أَحْكَمِ الْعُلُومِ حَتَّى أَحَاطَ بِغَايَاتِهَا رَدَّهُ ذَلِكَ إلَى تَقْرِيرِ الْفِطَرِ عَلَى بِدَايَاتِهَا، وَإِنَّمَا بُعِثَتْ الرُّسُل لِتَكْمِيلِ الْفِطْرَةِ؛ لَا لِتَغْيِيرِهَا: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْهُ إلَّا إعْطَاءَ أَهْلِ طَبَقَةِ الْمُتَوَفَّى أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُتَوَفَّى وَلَدٌ، وَيَعْقِلُونَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَإِنَّمَا نَشَأْ غَلَطُ الْغَالِطِ مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيهِ عُمُومٌ، وَالْكَلَامَ الثَّانِيَ قَدْ خَصَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ بِالذِّكْرِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْعُمُومِ وَالْمَفْهُومِ.
ثُمَّ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ نَظَرَ فِي كُتُبِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِدَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، وَإِذَا قَالُوا بِهَا رَأَوْا دَلَالَةَ الْعُمُومِ رَاجِحَةً عَلَيْهَا، لِكَوْنِ الْخِلَافَاتِ فِيهَا أَضْعَفَ مِنْهُ فِي دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي الْعُمُومِ إلَّا شِرْذِمَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَقَدْ خَالَفَ فِي الْمَفْهُومِ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ، حَتَّى قَدْ يُتَوَهَّمُ مَنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ صَرِيحَ الشَّرْطِ أَوْ عُمُومَهُ لِمَفْهُومِ الصِّفَةِ مَعَ ضَعْفِهِ. فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْعَمَى فِي الْبَصِيرَةِ، أَوْ حَوَلٍ يُرِي الْوَاحِدَ اثْنَيْنِ؛ فَإِنَّ الْأَعْمَى أَسْلَمُ حَالًا فِي إدْرَاكِهِ مِنْ الْأَحْوَلِ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لِلْبَصِيرِ، وَالْبَصِيرُ صَحِيحُ الْإِدْرَاكِ. وَلَوْلَا خَشْيَةُ أَنْ يَحْسِبَ حَاسِبٌ أَنَّ لِهَذَا الْقَوْلِ مَسَاغًا، أَوْ أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ عَلَى أُصُولِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَكَانَ الْإِضْرَابُ عَنْ بَيَانِهِ أَوْلَى.
فَيُقَالُ: هَذَا الَّذِي تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ هَلْ هِيَ حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَتْ حُجَّةً، فَهَلْ يُخَصُّ بِهَا الْعَامُّ أَمْ لَا؟ إنَّمَا هُوَ فِي كَلَامَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ مِنْ مُتَكَلِّمٍ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست