responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 260
غَرَضَ لَهُ فِيهِ فَلَا هُوَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا فِي الْآخِرَةِ؛ بَلْ يَبْقَى هَذَا مُنْفِقًا لِلْمَالِ فِي الْبَاطِلِ مُسَخَّرٌ مُعَذَّبٌ آكِلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ.
وَإِذَا كَانَ الشَّارِعُ قَدْ قَالَ: «لَا سَبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» ، فَلَمْ يُجَوِّزْ بِالْجُعْلِ شَيْئًا لَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ. وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، كَمَا فِي الْمُصَارَعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْأَقْدَامِ، فَكَيْفَ يَبْذُلُ الْعِوَضَ الْمُؤَبَّدَ فِي عَمَلٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، لَا سِيَّمَا وَالْوَقْفُ مَحْبِسٌ مُؤَبَّدٌ فَكَيْفَ يُحْبَسُ الْمَالُ دَائِمًا مُؤَبَّدًا عَلَى عَمَلٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَامِلُ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى حَبْسِ الْوَرَثَةِ وَسَائِرِ الْآدَمِيِّينَ بِحَبْسِ الْمَالِ عَلَيْهِمْ بِلَا مَنْفَعَةٍ حَصَلَتْ لِأَحَدٍ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُنَاوِلِينَ بِاسْتِعْمَالِهِمْ فِي عَمَلٍ هُمْ فِيهِ مُسَخَّرُونَ. يَعُوقُهُمْ عَنْ مَصَالِحِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَلَا فَائِدَةَ تَحْصُلُ لَهُ وَلَا لَهُمْ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ مُجْتَمِعِينَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّ هَذِهِ تُسَمَّى " قِرَاءَةَ الْإِرَادَةِ " وَقَدْ كَرِهَهَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَمَالِكٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَغَيْرُهُمْ. وَمَنْ رَخَّصَ فِيهَا - كَبَعْضِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - لَمْ يَقُلْ إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الِانْفِرَادِ، يَقْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْقُرْآنِ.
وَأَمَّا هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فَلَا يَحْصُلُ لِوَاحِدٍ جَمِيعُ الْقُرْآنِ، بَلْ هَذَا يُتِمُّ مَا قَرَأَهُ هَذَا، وَهَذَا يُتِمُّ مَا قَرَأَهُ هَذَا، وَمَنْ كَانَ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ يَتْرُكُ قِرَاءَةَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ. وَلَيْسَ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَضِيلَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ يُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْقَاتِ، فَلَا قُرْبَةَ فِي تَخْصِيصِ مِثْلِ ذَلِكَ بِالْوَقْتِ.
وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صِيَامًا أَوْ قِرَاءَةً أَوْ اعْتِكَافًا فِي مَكَان بِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلتَّعْيِينِ مَزِيَّةٌ فِي الشَّرْعِ: كَالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَزِيَّةٌ: كَالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ فِي مَسَاجِدِ الْأَمْصَارِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست