responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 250
وَلِهَذَا فَرَّقَ الْعُلَمَاءُ بَيْنَ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَعَلَى جِهَةٍ. فَلَوْ وَقَفَ أَوْ وَصَّى لِمُعَيَّنٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا ذِمِّيًّا لِأَنَّ صِلَتَهُ مَشْرُوعَةٌ. كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ، وَمِثْلُ حَدِيثِ «أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَتْ أُمُّهَا وَكَانَتْ مُشْرِكَةً فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: صِلِي أُمَّكَ» وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] . وقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272] .
فَبَيَّنَ أَنَّ عَطِيَّةَ مِثْلِ هَؤُلَاءِ إنَّمَا يُعْطُونَهَا لِوَجْهِ اللَّهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» فَإِذَا أَوْصَى أَوْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَكَانَ كَافِرًا، أَوْ فَاسِقًا، لَمْ يَكُنْ الْكُفْرُ وَالْفِسْقُ هُوَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا شَرْطًا فِيهِ، بَلْ هُوَ يَسْتَحِقُّ مَا أَعْطَاهُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا عَدْلًا فَكَانَتْ الْمَعْصِيَةُ عَدِيمَةَ التَّأْثِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهَا شَرْطًا فِي ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ، أَوْ عَلَى الطَّائِفَةِ الْفُلَانِيَّةِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا كُفَّارًا أَوْ فُسَّاقًا، فَهَذَا الَّذِي لَا رَيْبَ فِي بُطْلَانِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي الْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ مُبَاحَةٍ، الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْأُصُولُ أَنَّهُ بَاطِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي مَالِ الْفَيْءِ: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] فَأَخْبَرَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست