responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 238
بِإِعْفَاءِ هَذَا الْوَقْفِ وَرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ، وَقَدْ قَامَ نُظَّارُ هَذَا الْوَقْفِ فِي هَذَا الْوَقْتِ طَلَبُوا أَنْ يُفَرِّقُوا نِصْفَ الْمُغَلِّ فِي عِمَارَةِ الْمَشْهَدِ، وَالنِّصْفُ الَّذِي يَبْقَى لِذُرِّيَّتِهِ يَأْخُذُونَهُ لَا يُعْطُونَهُمْ إيَّاهُ، وَلَا يَصْرِفُونَهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ؟ .
أَجَابَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِلنَّاظِرِ، وَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ أَنْ يَصْرِفُوا الْوَقْفَ فِي غَيْرِ مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا حِرْمَانُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَالْفُقَرَاءِ الدَّاخِلِينَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ بَلْ ذُرِّيَّتُهُ وَالْفُقَرَاءُ أَحَقُّ بِأَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِمْ مَا شَرَطَ لَهُمْ مِنْ الْمَشْهَدِ الْمَذْكُورِ؛ فَكَيْفَ يُحْرَمُونَ - وَالْحَالُ هَذِهِ - بَلْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْمَشْهَدِ وَحْدِهُ لَكَانَ صَرْفُ مَا يَفْضُلُ إلَيْهِمْ مَعَ حَاجَتِهِمْ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِهِمْ.
فَمَنْ صَرَفَ بَعْضَ الْوَقْفِ عَلَى الْمَشْهَدِ، وَأَخَذَ بَعْضَهُ يَصْرِفُهُ فِيمَا لَمْ يَقْتَضِهِ الشَّرْطُ؛ وَحَرَمَ الذُّرِّيَّةَ الدَّاخِلِينَ فِي الشَّرْطِ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ وَتَعَدَّى حُدُودَهُ مِنْ وُجُوبِ أَدَاءِ الْوَقْفِ عَلَى ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ؛ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَوِّزِينَ لِلْوَقْفِ؛ وَهُوَ أَمْرٌ قَدِيمٌ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَأَمَّا بِنَاءُ الْمَشَاهِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهَا فَبِدْعَةٌ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ؛ وَلَا التَّابِعِينَ؛ وَلَا تَابِعِيهِمْ؛ بَلْ وَلَا عَلَى عَهْدِ الْأَرْبَعَةِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ بِنَاءُ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ عَلَى الْقُبُورِ؛ وَلَا الْإِعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ بِوَقْفٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ وَلَا النَّذْرُ لَهَا؛ وَلَا الْعُكُوفُ عَلَيْهَا؛ وَلَا فَضِيلَةَ لِلصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ [فِيهَا عَلَى] الْمَسَاجِدِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْقُبُورِ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ أَنَّ هَذَا خِلَافُ دِينِ الْإِسْلَامِ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ؛ بَلْ قَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبَرُونَ عَلَى أَنَّ بِنَاءَ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِثْلَ هَذَا الْمَشْهَدِ وَنَحْوِهِ حَرَامٌ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ» ؛ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست